عليه) (١) ، لأن فيه معنى ليتق الله امرؤ ، وليفعل خيرا ، وكذلك ما أشبه هذا.
وسألت الخليل عن قول الله ـ عزوجل ـ (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ ، وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)(٢).
فقال هذا كقول زهير :
بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى |
|
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا (٣) |
فإنما جروا هذا لأن الأول قد تدخله الياء ، فجاءوا بالثاني وكأنهم قد أثبتوا في الأول (الباء) ، وكذلك هذا لما كان الذي قبله يكون جزما ، ولا (فاء) فيه. تكلموا بالثاني وكأنهم قد جزموا قبله فعلا توهموا ذلك. وأما قول عمرو بن عمار الطائي :
فقلت له صوّب ولا تجهدنّه |
|
فيدنك من أخرى القطاة فتزلق (٤) |
فهذا على النهي ـ كما قال : لا يمددها فتشققها ، كأنه قال : لا يدنينّك من أخرى القطاة ، ولا تزلقن ومثله من النهي : لا يرينّك هاهنا ، ولا أرينّك هاهنا.
وسألته عن : آتي الأمير لا يقطع الّلصّ ، فقال : الجزاء هاهنا خطأ ، لا يكون الجزاء أبدا حتى يكون الكلام غير واجب ، إلا أن يضطرّ شاعر ، ولا نعلم هذا جاء في شعر البتّة ، وسألته عن قوله : أمّا أنت منطلقا أنطلق معك ، فرفع وهو قول أبي عمرو وحدثنا به يونس ، وذلك لأنه لا يجازى بأن كأنه قال : لأن صرت منطلقا أنطلق معك وسألته عن قوله : ما تدوم لي أدوم لك ، فقال : ليس في هذا جزاء من قبل أن الفعل صلة لما ، فصار بمنزلة الذي ، وهو بصلته كالمصدر يقع على الخبر ، كأنه قال :
أدوم لك دوامك لي ، وما دمت بمنزلة الدّوام ويدلك على أن الجزاء لا يكون هاهنا ، أنك لا تستطيع أن تستفهم بما يدوم على هذا الحد.
ومثل ذلك : كلما تأتيني آتيك ، والإتيان صلة ل (ما) ، كأنه قال :
كلّ إتيانك آتيك ، وكلما تأتيني ، يقع أيضا على الحين كما كان (ما تأتيني) يقع على الحين ، ولا يستفهم بكلما ، كما لا يستفهم بما تدوم.
وسألته عن قوله : الذي يأتيني فله درهمان ، لم جاز دخول الفاء هاهنا والذي
__________________
(١) قول لبعض العرب. انظر التصريح ٢ / ٢٤٣ ؛ الأشموني ٣ / ٣١١.
(٢) سورة المنافقون ، الآية : ١٠.
(٣) البيت في ديوانه ٢٨٧ ، الخزانة ٣ / ٦٦٥ ؛ الكتاب ٣ / ١٠١.
(٤) البيت في ديوانه ١٧٤ ، الكتاب ٣ / ١٠١.