والله لأفعلن.
وزعم الخليل أن النون تلزم اللام كلزوم اللام في قولك : إن كان لصالحا ، فإن بمنزلة اللام ، واللام بمنزلة النون في آخر الكلمة.
واعلم أن من الأفعال أشياء فيها معنى اليمين يجري الفعل بعدها مجراه بعد قولك : والله ، وذلك قولهم : أقسم لأفعلنّ ، وأقسمت عليك لتفعلنّ ، وإن كان الفعل قد وقع ، وحلفت عليه لم تزد على اللام ، وذلك قولك : والله لفعلت ؛ وسمعنا من العرب من يقول : والله لكذبتّ ، والله لكذب.
فالنون لا تدخل على فعل قد وقع ، وإنما تدخل على غير الواجب ؛ وإذا حلفت على فعل منفي لم تغيره عن حاله التي كان عليها قبل أن تحلف ، وذلك قولك : والله لا أفعل ، وقد يجوز لك وهو من كلام العرب ـ أن تحذف (لا) وأنت تريدها ، وذلك قولك :
والله أفعل ذلك أبدا ، تريد : لا أفعل ، وقال :
فحالف فلا والله تهبط تلعة |
|
من الأرض إلا أنت للذّلّ عارف (١) |
وسألت الخليل عن قولهم : أقسمت عليك إلا فعلت ولمّا فعلت ، لم جاز هذا في هذا الموضع ، وإنما أقسمت هاهنا كقولك : والله ؛ فقال : وجه الكلام : لتفعلن هاهنا ، ولكنهم أجازوا هذا لأنهم شبهوه بناشدتك الله إذ كان فيه معنى الطلب ؛ وسألته عن قوله (لتفعلن) إذا جاءت مبتدأة ، ليس قبلها ما يحلف به ، فقال : إنما جاءت على نية اليمين ، وإن لم يتكلم بالمحلوف به.
واعلم أنك إذا أخبرت عن غيرك أنه أكد على نفسه ، أو على غيره ، فالفعل يجري مجراه حيث حلفت أنت ، وذلك قولك :
أقسم ليفعلن ، واستحلفه ليفعلن ، وحلف ليفعلن ذلك ، وأخذ عليه لا يفعل ذلك أبدا ؛ وذلك أنه أعطى من نفسه في هذا الموضع مثل ما أعطيته أنت من نفسك حين حلفت ، كأنك قلت حين قلت أقسم ليفعلن ، قال والله ليفعلن وحين قلت استحلفه ليفعلن ، قال له : والله ليفعلن ومثل ذلك قول الله ـ عزوجل ـ : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي
__________________
(١) البيت ورد منسوبا للقيط بن زرارة ، في الكتاب ٣ / ١٠٥.