يقوم زيد لأنهم جعلوا (لم يقم) نقيض (قام) ، (ولن يقوم) نقيض (سيقوم) ، ولا يقع القسم عليهما في الإيجاب. لا تقول : والله قام زيد ، ولا : والله سيقوم زيد ، فإذا قلت : والله لا يقوم ، فهو نفي للمستقبل ، كما أنك إذا قلت : والله ليقومنّ ، فهو إيجاب للمستقبل ، فإن أردت اليمين على نفي فعل في الحال ، قلت : والله ما زيد يقوم ، وو الله ما زيد قائما ، كما تقول إذا أردت ذلك في الإيجاب : والله إن زيدا يقوم ، وو الله إن زيدا قائم ، وقد كثر في كلامهم حذف (لا) في القسم لكثرة القسم في كلامهم ، وزوال اللبس ، لأن الموجب في القسم تلزمه اللام والنون ، فإذا قالوا : والله أقوم ، علم بسقوط اللام والنون منه أنه نفي ، وقد قال الله ـ عزوجل ـ : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ)(١) وتقديره : لا تزال تذكر يوسف ، وأما أقسمت عليك إلّا فعلت ، ولما فعلت ، فإن المتكلم إذا قال : أقسمت عليك لتفعلنّ ، فهو مخبر عن فعل المخاطب أنه يفعل ومقسم عليه ، فإذا لم يفعل فهو كاذب ، لأنه لم يوجد خبره على ما أخبر به ، وإذا قال : أقسم عليك إلا فعلت ، وكما فعلت ، فهو طالب منه سائل ولا يلزمه فيه تصديق ولا تكذيب ، وللفرق بين المعنيين فرّق بين اللفظيين ؛ وإذا ذكرت يمينا قد حلف كان ذلك في لفظها وجهان : أحدهما حكاية لفظ اللافظ في يمينه ، والآخر : حمل إخبارك على المعنى لا على اللفظ ، ونمثل ذلك بقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ)(٢) قراءة عبد الله ((تقاسموا بالله)) من غير (قالوا) ، ففي ((تقاسموا)) وجهان : أحدهما أن يكون ماضيا ، والآخر أن يكون أمرا ، فإذا كان فعلا ماضيا جاز في (لنبيتنه) الياء والنون حسب ليبيتنه ولنبيتنه ، فأما النون فعلى حكاية لفظهم ، كأنهم قالوا : في أيمانهم ((والله لنبيتنه)) ، وأما الياء فعلى المعنى لأن المخبر عنهم غائب عنهم مخبر بيمين لهم حلفوا على فعل كان منهم والخبر عن الغائب بالياء ، ومثله من الكلام حلف زيد ليقتلن عمرا بالياء لغيبة زيد ، ويجوز حلف زيد لأقتلن عمرا على حكاية لفظه في يمينه ، وإذا كان (تقاسموا) أمرا ففي لنبيتنه ثلاثة أوجه : النون والياء والتاء والنون على حكاية لفظهم إذا حلفوا ، وقالوا : لنبيتنه ؛ والياء على حال المخبر عنهم في الغيبة ، وأما التاء فعلى حكاية لفظ المحلف لأنه إذا حلفهم قال لهم : احلفوا لنبيتنه ، ومثله قولك لصاحبك حلف القوم ليخرجنّ ولتخرجنّ ، ولنخرجنّ ، ولو حلف واحدا جاز أن يقول : أحلف لتخرجنّ ، وأحلف لأخرجنّ. التاء لإقبال المحلف على المحلف ، والألف لحكاية لفظ
__________________
(١) سورة يوسف ، الآية : ٨٥.
(٢) سورة النمل ، الآية : ٤٩.