فأقسم أن لو التقينا وأنتم |
|
لكان لكم يوم من الشرّ مظلم (١) |
وقال آخر :
وأقسم لو شيء أتانا رسوله |
|
سواك ولكن لم نجد عنك مدفعا (٢) |
ومن أجل هذا قال الفقهاء من العراق إذا قال الرجل أقسم أو أقسم بالله أو أحلف بالله ، أو أشهد أو أشهد بالله فحنث وجبت عليه كفارة اليمين لأنه إذا قال : أقسم بالله ، أو أحلف بالله أو أشهد صرف إلى معنى : أقسم بالله إذا كان الذي يلزم المسلمين إذا أقسموا أو حلفوا أن يحلفوا بالله دون غيره لقول النبي صلىاللهعليهوسلم :
((من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)) (٣). فإذا كانت اليمين على فعل ماضي لم تدخل اللام كقولك : والله لكذبت ، والله لكذب ولم تدخل النون لأن النون في غير القسم لا تدخل إلا على المستقبل دون الماضي والحال ، وإذا دخلت في فعل القسم فهي أيضا للمستقبل ، فلم يجز دخولها فيما لم يمكن دخولها عليه ، وقال فيه بعض أصحابنا : دخول النون في القسم يفصل بين الحال والاستقبال ، وليس في الماضي لبس يزيل دخول النون ؛ وإذا كان القسم بفعل منفي لم يدخلوا للقسم حرفا دون حرف النفي الذي كان فيه قبل القسم ؛ وأصل دخول حرف القسم الموجب في غير القسم لا يحتاج إلى حرف كقولك : ذهب زيد ، وينطلق عمرو ، وبكر راحل ، وما أشبه ذلك ؛ فلما أقسموا عليه أكدوه بما أدخلوا عليه من الحروف الدالة على القسم ليعلم أنه قسم ، واحتمل الحروف لتجرده منها قبل القسم ، وأما النفي ففيه حروف النفي ، وكرهوا دخول حرف آخر واكتفوا بما فيه من حروف النفي غير أنهم اقتصروا من حروف النفي على حرفين لا يتلقى اليمين بغيرهما من حروف الجحد ، وجعلوهما مقابلين لحرفي الإيجاب في جواب اليمين ، وهما (لا) و (ما) دون (لم) و (لن) فقالوا والله ما زيد منطلقا ، وو الله لا ينطلق زيد ، وكان (ما) في النفي نظيره (إن) في الإيجاب لأن أكثر دخول (ما) على الأسماء والأخبار ، كما أن (أن) تدخل على الأسماء والأخبار ، وكان (لا) نظيره (اللام) لأن دخولها على الأفعال في النفي كدخول اللام في الإيجاب ؛ ولا يجوز : والله لم يقم زيد ، ولا والله لن
__________________
(١) البيت سبق تخريجه.
(٢) البيت ورد منسوبا لامرئ القيس في ديوانه ٢٤٢ ، الخزانة ١٠ / ٨٤ ، ٨٥ ؛ ابن يعيش ٩ / ٧.
(٣) صحيح البخاري ـ كتاب الأيمان والنذور ، صحيح مسلم ـ كتاب المساقات والمزارعة ـ حديث (٤ ، ٦).