أن قام لزيد ومنه قوله عزوجل : (إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً)(١) ، وقوله عزوجل : (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ)(٢).
وأهل الكوفة يذهبن في" أن" إلى أنها بمعنى" ما" وفي اللام إلى أنها بمعنى" ألا" وتأولوا قول الشاعر :
شلت يمينك إن قتلت لمسلما |
|
وجهت عليك عقوبة المتعمّد (٣) |
إلى أن معناه : ما قتلت إلا مسلما.
قال أبو سعيد :
هذا التقدير وإن كان يصح معناه هذا الموضع فحقيقة الكلام أن اللام دخلت على التوكيد ولزمت للفصل بينها وبين" أن" التي بمعنى" ما" ولا نعلم" اللام" تستعمل بمعنى" إلا" ولو جاز ذلك جاز أن تقول : " جاءني القوم لزيد" بمعنى : إلا زيدا.
مذهب سيبويه أن دخول" أن" بعد" ما" يبطل عمل" ما" في قول أهل الحجاز وبهذا يرد قول أبي العباس المبرد : " أن" وحدها لو دخلت على اسم وخبر لعملت كعمل (ما) نحو أن زيد قائما فلو كانت تعمل وحدها لما أبطلت عمل" ما" بل كانت تؤكد عملها.
وأهل الكوفة يذهبون إلى أن" أن" إذا دخلت على" ما" وهما حرفا جحد ترادفا على الجحد كما يترادف حرفا التوكيد على الشيء كقولهم" أن زيدا لقائم".
وأهل البصرة يجعلون" أن" بعد" ما" زائدة لأنها لو لم تكن زائدة كانت جحد وجحد الجحد إيجاب وليس التوكيد بجحد.
وجعل سيبويه إبطال" أن" لعمل" ما" في قول أهل الحجاز كإبطال" ما" عمل" أن" في قولك : " أنما زيد أخوك" لأن كل واحدة منهما أبطلت عمل ما قبلها وصار ما بعدها مبتدأ وخبرا.
__________________
(١) سورة الإسراء ، الآية : ١٠٨.
(٢) سورة الصافات ، الآيتان : ١٦٧ ، ١٦٨.
(٣) البيت لعاتكة بنت زيد ترثي زوجها الزبير بن العوام وقد قتل في موقعة الجمل.
الخزانة : ١ / ٢٤ ، ابن يعيش : ٨ / ٧١ ، شواهد المغني للسيوطي : ١ / ٧١ ، العيني : ٢ / ٤٧٨.