وكذا ، وصار بدلا منه فدخل فيه ما دخل في" ينبغي" كما دخل في" لا سلام" ما دخل في" سلم".
واعلم أن" لا" قد تكون في بعض المواضع بمنزلة اسم واحد هي والمضاف إليه ليس معه شيء.
وذلك نحو قولك : " أخذته بلا ذنب" وأخذته بلا شيء وغضبت من لا شيء ، وذهبت بلا عتاد. والمعنى معنى ذهبت بغير عتاد وأخذته بغير ذنب ، إذا لم ترد أن تجعل" غيرا" شيئا أخذه يعتد به عليه ، ومثل ذلك قولك للرجل : أجئتنا بغير شيء؟ أي رائقا والرائق : الخالي.
ونقول إذا قللت الشيء أو صغرت أمره :
ما كان إلا كلا شيء وإنك ولا شيئا سواء ، ومن هذا النحو قول الشاعر وهو أبو الطفيل الغنوي :
تركتني حين لا مال أعيش به |
|
وحين جن زمان الناس أو كلبا (١) |
والرفع عربي على قوله :
" ... |
|
حين لا مستصرخ" (٢) |
و" ... |
|
لا براح" (٣) |
والنصب أجود وأكثر من الرفع لأنك إذا قلت : " لا غلام" فهي أكثر من الرافعة التي هي بمعنى ليس.
قال الشاعر :
حنّت قلوصي حين لا حين محنّ (٤)
وأما قول جرير :
ما بال جهلك بعد الحلم والدين |
|
وقد علاك مشيب حين لا حين (٥) |
__________________
(١) البيت في الخزانة ٢ / ٩٠ ، الأغاني ١٣ / ١٠٩.
(٢) جزء بيت من مشطور الرجز للعجاج ، ديوانه ص ٤٥٩ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ٢٥٩. وتمامه : بي الجحيم حين لا مستصرخ
(٣) جزء سبق تخريجه.
(٤) نسب البيت للعجاج ولم يرد في ديوانه. في الخزانة ٤ / ٤٥ ، والمقتضب ٤ / ٣٥٨.
(٥) البيت في ديوانه ٥٨٦ ، والخزانة ٤ / ٧٤.