ومما يدلك على أن ألف الاستفهام ليست بمنزلة" هل" أنك تقول للرجل : " اطربا! " وأنت تعلم أنه قد طرب لتوبخه أو تقرره.
ولا تقول هذا بعد" هل".
وإن شئت قلت : هل تأتيني أم تحدثني؟ وهل عندك بر أم شعير؟ على كلامين. وكذلك سائر حروف الاستفهام التي ذكرنا وعلى هذا قالوا : هل تأتينا أم هل تحدثنا؟
قال الججاف بن حكيم :
أبا مالك هل لمتني مذ حضضتني |
|
على القتل أو هل لامني لك لائم (١) |
وكذلك سمعناه من العرب.
فأما الذين قالوا : أم هل لامني لك لائم : فإنما قالوا على أنه أدركه الظن بعد ما مضى صدر حديثه.
وأما الذين قالوا : " أو" هل فإنهم جعلوه كلاما واحدا.
وتقول : ما أدري هل تأتينا أو تحدثنا؟
وليت شعري هل تأتينا أو تحدثنا؟
فهل ههنا بمنزلتها في الاستفهام إذا قلت هل تأتينا؟
وإنما دخلت" هل" هاهنا لأنك إنما تقول : أعلمني كما أردت ذلك حين قلت : هل تأتينا أو تحدثنا؟ فجرى هذا مجرى قوله عزوجل : (إِذْ تَدْعُونَ* أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ؟)(٢).
وقال زهير :
ألا ليت شعري هل يرى النّاس ما أرى |
|
من الأمر أو يبدوا لهم ما بدا ليا (٣) |
__________________
(١) نسب إلى زفر بن الحارث ، والصحيح أنه لجحاف بني حكيم السلمي ، وهو كان معاصرا لعبد الملك بن مروان ، وغزا تغلب وقتل منهم كثيرين ، فاستجاروا بعبد الملك بن مروان فأهدر دمه ، فهرب إلى الشام وأقام بها حتى مات عبد الملك ثم تولى ابنه الوليد.
انظر طبقات فحول الشعراء : ٤١١ ، الصناعتين : ٩٣.
(٢) سورة الشعراء ، الآيتان : ٧٢ ، ٧٣.
(٣) انظر الديوان ١٠٦ ، العقد الثمين : ٥٤.