ألا ترى أنه إذا أجابك قال : " لا" كما يجيبك إذا قلت : أعندك أحد من هؤلاء؟ واعلم أنك إذا أردت هذا المعنى فتأخير الاسم أحسن. لأنك إنما تسأل عن اللقاء على من وقع؟
ولو قلت : " أزيدا لقيت أو عمرا؟ و" أزيد عندك أو عمرو؟ كان هذا في الجواز والحسن بمنزلة تأخير الاسم إذا أردت معنى" أيهما"؟
فإذا قلت : أزيد أفضل أم عمرو؟ لم يجز ههنا إلا" أم" لأنك إنما تسأل عن أفضلهما ولست بسائل عن الفعل.
ألا ترى أنك لو قلت : أزيد أفضل؟ لم يجز كما لا يجوز : أضربت زيدا؟ أم عمرو؟ وليت شعري أزيد أفضل أم عمرو؟ فهذا كله على معنى. أيّهما أفضل؟
وتقول : ليت شعري ألقيت زيدا أو عمرا؟ و" ما أدري أعندك زيد أو عمرو؟ فهذا يجري مجرى : ألقيت زيدا أو عمرا؟
وإن شئت قلت : ما أدري أزيد عندك أو عمرو؟ فكان جائزا حسنا. كما جاز : أزيد عندك أم عمرو؟
وتقديم الاسمين جميعا مثله وهو مؤخر وإن كانت أضعف.
فأما إذا قلت : ما أبالي أضربت زيدا أم عمرا؟ فلا يجوز ههنا إلا" أم" لأنه لا يجوز السكوت على الاسم الأول فلا يجيء هذا إلا على معنى : " أيهما"؟
وتقديم الاسم هاهنا أحسن.
وتقول : أتجلس أو تذهب أو تحدثنا؟ وذلك إذا أردت أن تقول : هل يكون شيء من هذه الأفعال؟
فأما إذا دعيت واحدا منها أنه قد كان قلت : أتجلس أم تأكل؟ كأنك قلت : أي هذه الأفعال يكون منك؟
وتقول : أتضرب زيدا أو تشتم عمرا؟ إذا أردت أن يكون شئ من هذه الأفعال. وإن شئت قلت : أضربت زيدا أم تشتم عمرا؟ على معنى : أيهما؟
قال حسان بن ثابت :
ما أبالي أنت بالحزن تبيس |
|
أم لحانى بظهر غيب لئيم؟ (١) |
__________________
(١) انظر ديوانه : ١٠٠ ، الخزانة : ٤ / ٤٦١ ، العيني : ٢ / ١٣٥ ، نهاية الأرب : ٣ / ٦٩.