كل هذا جيد.
وإذا قال : أتجلس أم تذهب؟ " فأم" و" أو" فيه سواء لأنك لا تستطيع أن تفصل علامة المضمر. فتجعل ل" أو" حالا سوى حال" أم" وكذلك : أتضرب أو تقتل خالدا؟ لأنك لا تثبت أحد الفعلين إلا يثبت واحد وإن أردت معنى أيهما في هذه المسألة قلت : أتضرب زيدا أم تقتل خالدا؟ لأنك لم تثبت أحد الفعلين لاسم واحد.
قال أبو سعيد : اعلم أن" أو" حقيقتها أن يتفرد شيئا من شئ. ووجوه الأفراد أنك تختلف وتتقارب في حال وتتباعد في أخرى حتى توهم أنها قد تضادت وهي في ذلك ترجع إلى الأصل الذي وضعت له. وأنا مفسر ذلك إن شاء الله. فمن ذلك قولك : جاءني زيد أو عمرو. فالأصل فيه أن أحدهما جاءك. والأكثر في استعمال ذلك أن يكون المتكلم شاكا لا يدري أيهما الجائي. فالظاهر من الكلام أن يحمله السامع على شك المتكلم.
وقد يجوز أن يكون المتكلم غير شاك. إلا أنه أبهمه على حال قصدها في ذلك كما يقول القائل : كلمت أحد الرجلين" و" اخترت أحد الأمرين وقد عرفه بعينه ولم يخبر به.
وقد يحسن" أو" بين أشياء تتناولها كلها في أوقات مختلفة فيراد بذكر" أو" أفراد كل واحد منهما في وقته كقولك ـ إذا قيل لك : ما كنت تأكل من الفاكهة ببغداد؟
قلت : كنت آكل التين أو العنب. أو نحو ذلك.
وكذلك لو قيل : ما كنت تأكل من الطعام؟ فتقول : زبدا أو أرزا أو لحما أو سمكا.
أي : أفرد مرة هذا ومرة هذا. قد خلت" أو" للإفراد.
ولو قلت : كنت آكل تينا. أو عنبا. أو قلت : أرزا أو لحما لاحتمل أن يكون جمعت بينهما في وقت. واحتمل أن يكون أفرد كل واحد منهما.
أراد بيان الإفراد فجاء ب" أو" فهذا شأن" أو" في الإخبار. والمخاطب يعلم أنه إذا قال : كنت آكل تينا أو عنبا.
أو قال : كنت آكل برا أو أرزا في مثل الحال التي ذكرناها إنه لم يرد الشك ولا الإبهام على المخاطب.
وإذا وقعت في الأمر فهي على وجهين كلاهما للإفراد ، أحد الوجهين : أن يكون