لا تجالس أهل الريب والقصد : جالس من شئت من الفقهاء والقراء وأصحاب الحديث.
و" أو" تؤدي هذا المعنى لأنها في التخيير كأنه قال :
جالس إن شئت هؤلاء ، وإن شئت فأكثر منهم وإن شئت فأجمع بينهم.
ومما تكون فيه" أم" و" أو" بمعنى واحد وإن كان أصلهما مختلفا قولهم : " اضرب زيد أولا". و" أضربت زيدا أم لا" وذلك أنك لو اقتصرت على : " أضربت زيدا؟ " لاقتضى السؤال" نعم" أو" لا". فإن زاد فيه" أو" أو زاد فيه" أم" لم يتغير معناه. وقد ذكرت قبل هذا من اختلاف" بل" و" أم" في أصلهما واتفاقهما فيما يراد من المعنى في : " أم يقولون افتراه ...؟ "
قول الشاعر :
" ... |
|
أم كلّ إليّ حبيب؟ " |
فيما فيه مقنع ، وكذلك اجتماع" بل" و" أو" في قوله :
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى |
|
وصورتها أم أنت في العين أملح |
في معنى : " بل".
وقول سيبويه وجمع البصريين أن نفي المباح" بأو" يستوعب جميع ما وقعت عليه ولا يخالف معناه معنى" الواو" كقولك : " لا تأكل خبزا أو لحما أو تمرا". إذا أردت نفي أحد هذه الأشياء كأنك قلت : لا تأكل شيئا من هذه الأشياء.
ونظيره : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً)(١) أي لا تطع أحدا من هذين. لأن كل واحد منهما كان في الأمر مباحا. فإذا دخل النهي الذي هو ضد الأمر صار كل واحد منهما محظورا.
وإذا كان التخيير على وجه الإباحة فدخل النهي. فإن أبا الحسن بن كيسان : يجوز أن يكون النهي عن واحد. وجوز أن يكون عن جميع المذكور كقولك : لا تأخذ دينارا أو ثوبا. يجوز أن يكون نهاه عن أخذ أحدهما. ويجوز أن يكون النهي عن أحدهما على مقابلة الأمر لأن الأمر كأن يأخذ أحدهما والنهي نقيضه وضده فيكون نهيا عن أخذ أحدهما. وجاز أن يكون يعني مجيئهما.
__________________
(١) سورة الإنسان ، الآية : ٢٤.