وتقول : ألست صاحبنا؟ أو لست أخانا؟ ومثل ذلك : أما أنت أخانا؟ أو ما أنت صاحبنا؟ وقوله : أو لا تأتينا؟ أو لا تحدثنا؟ إذا أردت التقرير أو غيره ثم أعدت حرفا من هذه الحروف لم يحسن الكلام إلا أن تستقبل الاستفهام.
وإذا قلت : ألست أخانا؟ أو صاحبنا؟ أو جليسنا؟ فإنما تريد أن تقول : ألست في بعض هذه الأحوال؟ وأنما أردت في الأول أن تقول : ألست في هذه الأحوال كلها؟ ولا يجوز أن تريد معنى : ألست صاحبنا؟ أو جليسنا؟ أو أخانا؟ وتكون : لست مع" أو" إذا أردت أن تجعله في هذه الأحوال كلها.
ألا ترى أنك إذا أخبرت فقلت : ألست بشرا. أو ألست عمرا أو ما أنت ببشر ما أنت بعمر لم يجئ إلا على معنى : بل ما أنت بعمرو. و : لا بل لست ببشر.
وإذا أرادوا معنى : أنك لست واحدا منهما. قالوا : لست عمرا ولا بشرا أو قالوا : أو بشرا. كما قال عزوجل : ـ (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً)(١) ، ولو قلت : " أو لا تطع كفورا" انقلب المعنى.
فينبغي لهذا أن يجئ بألف الاستفهام منقطعا من الأول. لأن" أو" هذه نظيرتها في الاستفهام" أم". وذلك قولك : أما أنت بعمرو أم ما أنت ببشر؟ كأنه قال : لا بل ما أنت ببشر. وذلك أنه أدركه الظن في أنه بشر بعد ما مضى كلامه الأول فاستفهم عنه.
وهذه" الواو" التي دخلت عليها ألف الاستفهام كثيرة في القرآن. كما قال عزوجل : (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ* أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ)(٢) فهذه الواو بمنزلة الفاء في قوله : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ)(٣)؟
وقال عزوجل : (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ* أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ)(٤). وقال عزوجل :
__________________
(١) سورة الإنسان ، الآية : ٢٤.
(٢) سورة الأعراف ، الآيتان : ٩٧ ، ٩٨.
(٣) سورة الأعراف ، الآية : ٩٩.
(٤) سورة الصافات ، الآية : ١٦ ، ١٧.