شبه الفعل.
فإن قال قائل : فحروف الجر ، وسائر عوامل الأسماء قد يدخلن على ما لا ينصرف ، فلا يصرفنه كقولك مررت بأحمر وجاءني إبراهيم ودخلت مساجد ، فإن في ذلك أجوبة تفصل بين دخول الألف واللام والإضافة وبين دخول العوامل ، منها : أن الألف واللام والإضافة إذا دخلت على الاسم الذي لا ينصرف أخرجته عن شبه الفعل ، ثم تدخل عليه بعد ذلك العوامل فيصادف العامل شيئا غير مشبه للفعل فيعمل فيه عمله ، وإذا دخل العامل قبل دخول الألف واللام والإضافة صادف ثقيلا ، فلم يعمل فيه إلا عمله الذي ذكرناه. وجواب ثان ، وهو أن الألف واللام ، والإضافة قد قامت مقام التنوين ، فكأن الاسم منون ، والتنوين هو الصرف ، وعلامة الأمكن وليس العامل كذلك.
وجواب ثالث : وهو أن الاسم بدخول الألف واللام والإضافة تتغير ذاته وينتقل من مبهم إلى معين والعامل لا يغيره عن حاله الأولى.
جواب رابع : وهو أن الفعل قد يضاف إليه كما يضاف إلى الاسم ما ينجر به فلم تخرجه حروف الجر من شبه الفعل.
وجواب خامس : أنا لو اعتبرنا العوامل لبطل أصل ما لا ينصرف ؛ لأن العوامل الداخلة على الاسم غير داخلة على الفعل ، فلو كان يثقل بدخول العوامل لكان كل عامل يدخل عليه يوجب صرفه ، وبطل الفرق بين ما ينصرف وبين ما لا ينصرف.
قال أبو سعيد : ابتدأ سيبويه بذكر ما يجتمع فيه علتان من العلل المانعة من الصرف ، وساق الأبواب على ذلك ، وبدأ بأفعل الذي هو وصف ، وقد اجتمعت علتان وزن الفعل والصفة ، وإن صغرته لم يخرجه التصغير إلى الصرف ؛ لأن الفعل قد صغر في بعض المواضع وهو التعجب ، فقالوا ما أميلح زيدا ، قال الشاعر :
يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا |
|
من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر (١) |
فلذلك لم (يبتعد) بالتصغير من شبه الفعل.
على أن الأسماء في التصغير على ثلاثة أوجه في حكم الصرف ، فمنها اسم لا ينصرف في التصغير والتكبير ، نحو هذا الباب وغيره ، واسم لا ينصرف ، فإذا صغر
__________________
(١) البيت في الخزانة : ١ / ٤٥ ، ٤ / ٩٥ ، وابن يعيش : ١ / ٦١ ، ٣ / ١٣٤ ، ٥ / ١٣٥ ، ٧ / ١٤٣.