وأما" أخيل" فجعلوه" أفعل" من الخيلان للونه ، وهو طائر أخضر على جناحيه لمعة مخالفة للونه ، وعلى هذا المثال جاء" أفعى" كأنه صار صفة وإن لم يكن له فعل ولا مصدر".
قال أبو سعيد : يريد أنه جعل بمنزلة خبيث ، أو ضار ، أو ما أشبه ذلك مما يليق أن يكون صفة له.
قال : " وأما" أدهم" إذا عنيت القيد ، و" الأرقم" إذا عنيت الحية لم تصرفه في معرفة ، ولا نكرة. لم تختلف في ذلك العرب.
فإن قال قائل : أصرفه ؛ لأني أقول : أراقم وأداهم فإنك تقول أباطح ، وأجارع ، وأبارق. فإنما الأبرق صفة وهو لون فيه حمرة ، وبياض وسواد ، يقال : تيس أبرق حيث كان فيه سواد ، وبياض".
قال أبو سعيد : اعلم أن أفعل قد يكون اسما ، وقد يكون صفة ، وقد تكون الصفة جارية مجرى الاسم ، فإذا كان اسما فهو منصرف في النكرة ، غير منصرف في المعرفة ، وذلك مثل" أفكل" و" أيدع" وأما" أجدل" ، و" أخيل" ، و" أفعى" فالأجود عند سيبويه أن يكون بمنزلة" أفكل" و" أيدع" ، لبعده من الصفة ؛ لأن" أجدل" اسم الصقر ، وإن كان مأخوذا من الجدل ، ولا يقال لشيء غيره" أجدل" ولا يقال : مررت بصقر أجدل ، و" أخيل" ، و" أفعى" اسمان لنوعين من الطير ، والحيات ، لا يقال ذلك لغيرهما.
وقد حكي سيبويه عن بعضهم أنه جعله نعتا للعلة التي ذكرها وفيها بعد.
وأما الصفة" فأصفر" ، و" أحمر" ، وما جرى مجراهما.
وقد أجرت العرب" أدهم" إذا أردت القيد و" الأسود" إذا عنيت الحية" والأرقم" إذا عنيت الحية أيضا صفات ، وإن كانت أسماء لأشياء بأعيانها ، وذلك لأننا قد عرفنا معنى الأدهم في غير القيد وهو الأسود من الخيل.
وإنما قيل للقيد أدهم لسواده فقد عرف معنى اللون في الأدهم وشاركه فيه غيره ، والقصد فيهما ذوا اللون ، كذلك الأسود من الحيات لسواده ولا يكون إلا أسود وقد شاركه في المعنى ما هو متصف بهذا اللفظ من غير الحيات ، وكذلك الأرقم إنما هو اسم لضرب من الحيات فيه نقط بمنزلة" الرّقم" ، ويقال لما كان فيه مثل ذلك اللون أرقم ، إلا أنه غلبت هذه الصفات على هذه الأشياء فصارت كالأسماء لها.