نعم الرجل فقيل لك من هو؟ فقال : عبد الله.
وإذا قال : عبد الله فكأنه قيل له : ما شأنه؟ فقال : نعم الرجل ، فنعم تكون مرة عاملة في مضمر يفسره ما بعده ، فتكون هي وهو بمنزلة : ويحه ومثله ، ثم يعملان ـ في الذي فسر المضمر ـ عمل مثله وويحه إذا قلت : لي مثله عبدا ، ويكون مرة أخرى يعمل في المظهر لا يجاوزه فهي بمنزلة : ربّه رجلا ، ومرة بمنزلة : ذهب أخوه ، فتجري مجرى المضمر الذي قدّم لما بعده من التفسير ، وسد مكانه ؛ لأنه قد بينه ؛ وهو نحو قولك : أزيدا ضربته؟ واعلم أنه محال أن تقول : عبد الله نعم الرجل والرجل غير عبد الله ، كما أنه محال أن تقول : عبد الله هو فيها وهو غيره.
واعلم أنه لا يجوز أن تقول : قومك نعم صغارهم وكبارهم ، إلا أن تقول : قومك نعم الصّغار ونعم الكبار وقومك نعم القوم ؛ وذلك لأنك أردت أن تجعلهم من جماعات ومن أمم كلّهم صالح.
كما أنك إذا قلت : عبد الله نعم الرجل ، فإنما تريد أن تجعله من أمة كلهم صالح ، ولم ترد أن تعرف شيئا بعينه بالصلاح بعد نعم.
مثل ذلك قولك : عبد الله فاره العبد فاره الدابة ، فالدابة لعبد الله ، ومن سببه ، كما أن الرجل هو عبد الله حين قلت : نعم الرجل ، ولست تريد أن تخبر عن عبد بعينه ولا عن دابة بعينها ، وإنما تريد أن تقول : أن في ملك زيدا لعبد الفاره والدابة الفارهة ، إذا لم ترد عبدا بعينه ولا دابة بعينها.
فالاسم الذي يظهر بعد (نعم) إذا كانت : نعم عاملة الاسم الذي فيه الألف واللام نحو : الرجل ، وما أضيف إليه ، وما أشبهه نحو : غلام الرجل إذا لم ترد شيئا بعينه.
كما أن الاسم الذي يظهر في (ربّ) قد يبدأ بإضمار رجل قبله حين قلت : ربّه رجلا لما ذكرت لك ، وتبدأ بإضمار رجل في (نعم) لما ذكرت لك.
فإنما منعك أن تقول : نعم الرجل إذا أضمرت ، أنه لا يجوز أن تقول : حسبك به الرجل إذا أردت معنى : حسبك به رجلا.
ومن زعم أن الإضمار الذي في (نعم) هو عبد الله ـ فقد ينبغي له أن يقول : نعم عبد الله رجلا ، وقد ينبغي له أن يقول : نعم أنت رجلا ، فتجعل (أنت) صفة للمضمر.