النبوءة ناسب أن يحف به ما هو خارق للعادة إكراما لنزلاء ذلك المكان.
ومجمع البحرين لا ينبغي أن يختلف في أنه مكان من أرض فلسطين. والأظهر أنه مصب نهر الأردن في بحيرة طبرية فإنه النهر العظيم الذي يمر بجانب الأرض التي نزل بها موسى ـ عليهالسلام ـ وقومه. وكانت تسمى عند الإسرائيليين بحر الجليل ، فإن موسى ـ عليهالسلام ـ بلغ إليه بعد مسير يوم وليلة راجلا فعلمنا أنه لم يكن مكانا بعيدا جدا. وأراد موسى أن يبلغ ذلك المكان لأن الله أوحى إليه أن يجد فيه العبد الذي هو أعلم منه فجعله ميقاتا له.
ومعنى كون هذا العبد أعلم من موسى ـ عليهالسلام ـ أنه يعلم علوما من معاملة الناس لم يعلّمها الله لموسى. فالتفاوت في العلم في هذا المقام تفاوت بفنون العلوم ، وهو تفاوت نسبي.
والخضر : اسم رجل صالح. قيل : هو نبيء من أحفاد عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام. فهو الخضر بن ملكان بن فالغ بن عابر ، فيكون ابن عم الجد الثاني لإبراهيم ـ عليهالسلام ـ. وقيل : الخضر لقبه. وأما اسمه فهو (بليا) بموحدة أو إيليا بهمزة وتحتية.
واتفق الناس على أنه كان من المعمرين ، ثم اختلفوا في أنه لم يزل حيا اختلافا لم يبن على أدلة مقبولة متعارفة ولكنه مستند إلى أقوال بعض الصوفية ، وهي لا ينبغي اعتمادها لكثرة ما يقع في كلامهم من الرموز والخلط بين الحياتين الروحية والمادية ، والمشاهدات الحسية والكشفية ، وقد جعلوه رمز العلوم الباطنية كما سيأتي.
وزعم بعض العلماء أن الخضر هو جرجس : وقيل : هو من ذرية عيسو بن إسحاق. وقيل : هو نبيء بعث بعد شعيب.
وجرجس المعني هو المعروف باسم مار جرجس. والعرب يسمونه : مار سرجس كما في «كتاب سيبويه». وهو من أهل فلسطين ولد في الرملة في النصف الآخر من القرن الثالث بعد مولد عيسى ـ عليهالسلام ـ وتوفي سنة ٣٠٣ وهو من الشهداء. وهذا ينافي كونه في زمن موسى ـ عليهالسلام ـ.
والخضر لقب له ، أي الموصوف بالخضرة ، وهي رمز البركة ، قيل : لقب خضرا لأنه كان إذا جلس على الأرض اخضرّ ما حوله ، أي اخضرّ بالنبات من أثر بركته. وفي «دائرة المعارف الإسلامية» ذكرت تخرصات تلصق قصة الخضر بقصص بعضها فارسية وبعضها