والآخر الزيت والشموع وكل أنواع المئونة. وسفن النصارى هي بدورها تحمل إليه الخمر والمشروبات الروحية والملابس.
لقد تجولنا في هذه الجزيرة الصغيرة التي لا يتجاوز طولها ثلاثة أميال ، وتسلينا أثناء ذلك بصيد الأرانب ، كما تمكنا من جمع عدة نباتات وبذور ، وهذا ما جعلنا نعتبر أن وجود الراهب بهذه الجزيرة لا يخلو من كل متعة وسرور ، وقد اتفقنا مع قبطان السفينة أن يحضر لتناول العشاء معنا في الدير حيث نتواجد في ساعة محددة ، ولكن عوض أن يلبي دعوتنا للعشاء أعلمنا بأن السفينة قد تهيأت للإقلاع ولحسن الحظ أن القبطان المساعد والكاتب كانا معنا ، وهذا ما جعلني مطمئنا ولم يساورني القلق من أن يقدم القبطان على تركنا وحيدين في هذه الجزيرة المعزولة ، ومع ذلك أطلق القبطان طلقة مدفع ورفع العلم يستحثنا على الالتحاق به لكننا لم نتمكن من سماع إعلانه الأول ولا من رؤية إشارته الثانية ، التي رأى ربان السفينة بعدها أنه لم يعد ملزما أن ينتظرنا وقتا أطول ، فأسرعنا نحو الميناء حيث أتى أحد القوارب لأخذنا إلى السفينة ، ولعل الأمر الذي أزعجني أكثر في كل هذا هو أنني لم أستطع أن أفي بوعدي لخادم الدير بأن أعطيه شيئا من الخمر الذي كان بحوزتي ، فاضطررت أن أسلم هذا الرجل الفقير وهو يودعنا متأثرا بعض النقود حتى يتمكن في أول فرصة تتاح له من شراء الخمر الذي وعدته به.
تابعنا طريقنا مع ريح شمالية غربية ، ومن الغد غابت عن أنظارنا جزيرة لامبادوزا وتوارت الصخور التي كانت بالقرب منها ، وصادف في هذا اليوم أن تحولت الريح نحو الجنوب وهو عكس اتجاهنا الأمر الذي اضطر السفينة أن تأخذ مسارا ملتويا ومذبذبا حتى يمكنها أن تتهرب من اتجاه الريح المعاكسة لسيرها ، ولم تلبث تلك الريح أن اشتدت فتعاظم موج البحر. وأصبح هبوب الرياح ملائما لإبحار السفينة في ٢٥ سبتمبر ولكنها ظلت قوية بحيث لم يكن في استطاعتنا أن نبقي فوق السفينة سوى شراعا واحدا.