مغطاة بالثلوج (١). وهذا القطر أو مملكة الجزائر المسمى قديما موريطانيا القيصرية كما سبقت الإشارة إلى ذلك ، كان يحكمه الملك يوبا الثاني (Juba II) والذي أطلق عليه هذا الاسم" قيصرية" نسبة إلى حاميه ووليه الإمبراطور أغسطس ، وكان الملك يوبا هذا مرتبطا بحزب بومباي (Pompe؟e) ، وعندما أسر من طرف أغسطس حمل إلى روما ولقي الرعاية من أغسطس لخصاله وحسن سلوكه ، وهذا ما دفعه إلى إعادته إلى مملكته وأن يزوجه بكليوباترا (سيليني) ابنة الملكة المصرية الشهيرة كليوباترا (Cle؟opa؟tre) ، وقد عثرت بالفعل على قطعة معدنية تؤرخ لهذا الحدث (٢).
لقد عرفت هذه البلاد (مملكة الجزائر) العديد من التغيرات ، ففي بداية
__________________
(١) يقصد بها سلسلة جبال الأطلس البليدي التي تشرف على سهل متيجة وترى من مدينة الجزائر والتي يبلغ ارتفاعها عند كاف الشريعة ١٦٢٩ متر ، وكذلك جبال بلاد القبائل (جبال جرجرة) التي تظهر قممها مكللة بالثلج من مرتفعات مدينة الجزائر عندما يصفو الجو في فصلي الشتاء والخريف.
(٢) لقد التبس على صاحب الرحلة موقف الرومان من الملك النوميدي يوبا الأول وابنه يوبا الثاني ، فالصحيح أن الملك يوبا الأول بن هيميصال (Juba I) الذي حكم نوميديا ما بين ٦٠ و ٤٦ ق. م. هو ملك نوميديا الذي وقف في الحرب الأهلية الرومانية إلى جانب بومبي ضد قيصر ووضع حدا لحياته عند انتصار هذا الأخير في معركة تابسوس (Thapsus) (٤٦ ق. م.) ، فأخذ قيصر ابنه إلى روما رهينة واكتسب بها ثقافة لاتينية ـ إغريقية راقية ، وزوجه أغسطس كليوباترا سيليني (ابنة الملكة المصرية كليوباترا من أنطونيوس) ، ونصبه حاكما على موريطانيا باسم يوبا الثاني (٢٥ ق. م. / ٢٣ م) ليتولى محاربة قبائل الجنوب (الجيوتول) التي كانت تهدد خط الدفاع الروماني (الليمس) ، وقد اتخذ يوبا الثاني يول (شرشال) عاصمة له وأطلق عليها اسم ولي نعمته تمجيدا له اعترافا بجميله ، فعرفت بقيصرية (Caesarea) ، واشتهر بتآليفه العلمية في التاريخ الطبيعي والجغرافيا ولم تصلنا منها سوى مقتطفات عرفت بليبيكا وعربيكا (Lybica Arabica) ، وخلفه ابنه بطوليموس (٤٠ ـ ٢٣)(Ptole؟me؟e) الذي أمر الإمبراطور الروماني كاليكولا بقتله في مدينة ليون للتخلص منه والحاق مملكته" موريطانيا القيصرية" بالإمبراطورية الرومانية.