حصارا على كل السفن الأجنبية فتمنع من الإبحار حتى لا يتسرب الخبر وتتمكن الغليوطات المالطية من إحباط هجماتهم. وفي تلك الأثناء ظلت الريح معاكسة لا تجاه السفينة ، فتوقفنا في ١٧ سبتمبر على مرأى من جزر سامبر (Cimbres) وهما جزيرتان صغيرتان غير مأهولتين (١) ، وقد انتظرنا يومين كاملين هبوب ريح ملائمة للابحار ، وأثناء ذلك حاولنا أن نتسلى بصيد السمك ، ومن الأنواع التي اصطدناها أسماك الفرخ البحرية (La Perche marine) ذات الألوان الجميلة ، ولما كان أملنا أن نحصل على كمية كبيرة من السمك ، فقد ألقينا في البحر شباكا كبيرا ربطناه في مرساة السفينة لكن العاصفة التي فاجأتنا في الليل ذهبت بالشباك ومعه مرساة السفينة وقضت على أملنا في الحصول على صيد وفير.
وفي ٢٠ سبتمبر تجاوزنا الرأس الطيب وتراءت لنا على بعد مسافة من الشاطئ نواحي مدينة أوتيكا العتيقة المشهورة في التاريخ بنهاية كاتون (Caton) والتي يظن أنها هي اليوم بورتوفارينا. وبعدها شاهدنا غاليبولي وهي موقع حصين يقع على جبل عال (٢) ، ومع هبوب ريح غريبة مواتية ابتعدنا في سيرنا عن الشاطئ. وفي ٢١ سبتمبر تعرفنا على جزيرة بانتالاريا (Pantelleria) التابعة لمملكة نابولي والتي يقال بأنها ذات تربة خصبة وآهلة بالسكان (٣) ،
__________________
(١) جزر سامبر (Cimbres) يقصد بها جزيرة زمبرا (Zembra) التي تقع بخليج تونس على بعد حوالي ١٥ كلم من الساحل ، وهي عبارة عن جبل صخري منتصب في البحر يبلغ علوه ٤٣٢ متر ، لا تتوفر على مكان صالح لرسو السفن باستثناء انحناء صغير في الجهة الجنوبية حيث توجد بقايا جسر قديم عفا عليه الزمن.
(٢) يعرف اليوم بجبل الناظر (٣٢٥ م) الذي يعلو موقع بورتو فارينا أو غار الملح غير بعيد عن أوتيكا التي ارتبطت بها نهاية كاتون منافس قيصر على حكم رومة (راجع هامش رقم ١٢٢).
(٣) باتالاريا وتعرف بالإيطالية ببانتالاريا (Pantelleria) ، جزيرة بركانية تقدر مساحتها ب ٨٣ كلم مربع ، ويبلغ أقصى ارتفاعها عند فوهة بركان مونتانيا (Momtagna) (٨٣٦) متر ، تقع في منتصف المسافة بين تونس وصقلية (١١٠ كلم عن صقلية) ، وقد