وبعد أن تركناها إلى الشمال هي وجزيرة لينوزا (Linosa) (١) التي بدت لنا هي الأخرى منتصبة بجبليها المرتفعين ، وصلنا في ٢٢ سبتمبر إلى جزيرة لامبودوزا (Lampedouse) (٢) التي اضطررنا إلى التوقف فيها بسبب تسرب الماء إلى سفينتنا.
ولم تثننا هذه المغامرة عن رغبتنا في رؤية الأب كليمان (Le Pe؟re Cle؟ment) وهو راهب ظل يقيم في هذه الجزيرة لمدة أربع وعشرين سنة ، ولم يحالفنا الحظ لرؤيته ، فقد اغتنم فرصة مرور سفينة فرنسية لينتقل إلى نابولي على أمل أن يعود يوما ما عندما تصادفه رياح ملائمة ، وكان قد ترك بالجزيرة خادمه الذي سره أن يعرفنا على الدير ، فلاحظنا أن هذا الدير لا ينقصه أي شيء من متطلبات الحياة ، بفعل العناية التي أولاها له أحد الرهبان الإغريق ، وبعد موت هذا الأخير عمل الأب كليمان الإيطالي الأصل
__________________
اكتسبت أهميتها لموقعها ولتوفرها على موارد تساعد على العيش كالصيد البحري وزراعة الكروم التي يصنع منها الخمر ويحضر الزبيب ؛ وهذا ما حافظ على تواجد السكان بها والذين يقدرون الآن بخمسة آلاف نسمة. خضعت باتالاريا للقرطاجيين الذين اتخذوا منها محطة بحرية ، ثم استقر بها الرومان (٢١٧) ، وعندما فتح العرب صقلية نزلوا بها (٧٠٠) ، وظلت مأهولة طيلة تاريخها ، خاصة الجهات المتاخمة لساحلها الغربي حيث يوجد مركز" باتالاريا" الذي اشتهر بالحصن الذي يعلوه.
(١) لينوزا (Linosa) ، جزيرة صغيرة لا تزيد مساحتها عن ٥ كلم مربع ، وهي عبارة عن جبل بركاني خامد يبلغ ارتفاعه ١٩٥ متر ، يبعد عن صقلية ب ١٦١ كلم وعن لامبودوزا ب ٤٢ كلم ، تغطي سطحه الأعشاب والشجيرات الخضراء. يتركز السكان على ساحله الجنوبي حيث يمكنهم ممارسة الزراعة والصيد.
(٢) جزيرة لامبودوزا (Lampedouse) مساحتها ٢٠ كلم ، تقع بين صقلية وتونس (٢٠٥ كلم عن صقلية و ١١٣ كلم عن السواحل التونسية). يعود استقرار البشر بها إلى العصر البرونزي ، لكنها ظلت مهجورة لشح مواردها وانعدام الأمن في البحر المتوسط ، ولم يستقر بها بعض الإيطاليين إلا في منتصف القرن التاسع عشر (١٨٤٣) ، حيث أنشؤوا بإحدى انحناءات شاطئها الصخري ميناء يحمل اسمها.