لقد غادرت مدينة الجزائر في ٢٢ أبريل (١٧٣٢) مع بعض من رافقوني في رحلتي ، وقد أرسل معي الداي دليلا وفارسا (صبائحي) ليكونا في صحبتي ، وكانت خطتي في أول السفر أن أنتظر المحلة المصاحبة للآغا خارج مدينة الجزائر للانضمام إليها والسير معها ، وقد أبقيت بعض المرافقين لي في رحلتي في مدينة الجزائر ليتمكنوا من تسجيل الملاحظات أثناء غيابي داخل الجزائر ، وحتى يحافظوا على الأشياء التي تخص سيادتكم ، وبذلك أصبحت الجماعة التي ترافقني في سفري تتكون من السيد إبربارخ (Eberbarch) وشولتز (Schulze) وترو (Trau) وهوبستاني الأمير بكارلسروه (Karlsruhe) ، والطبيب شاو (Dr.Shaw) كاهن القنصلية الإنكليزية الذي تحصل هو أيضا على رخصة السفر (١).
وفي ٢٣ أبريل قطعنا سهل متيجة الجميل والذي يمتد من البحر وحتى سفوح الأطلس بعرض ثلاثين ميل إنكليزي (٢) ، وهو أكبر سهل صادفني في
__________________
(١) هو الطبيب شو (Dr.Shaw) الذي صاحب هابنسترايت في جولته مع جنود المحلة في مقاطعة التيطري ، ولد بكندال (Kendel) بإنكلترا حوالي ١٦٩٢ ، وتوفي بأكسفورد سنة ١٧٥١. مكث في الجزائر اثني عشر سنة (١٧٢٠ ـ ١٧٣٢) ، وتولى مهمة كاهن للوكالة الإنكليزية بها (factorerie) ، وتجول في الولايات العثمانية ، فتعرف على تونس وبلاد الشام وفلسطين وسواحل البحر الأحمر ، قبل أن يستقر بإنكلترا عام ١٧٤٢ ويصبح رئيس كلية بأكسفورد برونلي (Braunley) ، وعضو الجمعية الملكية بلندن. جمع العديد من الملاحظات والمعلومات القيمة عن أقاليم المغرب والمشرق العربيين ، سجلها أثناء أسفاره العديدة ونشرها بعنوان :
رحلات أو ملاحظات تتعلق بأجزاء من شمال إفريقيا والمشرق ، صدرت طبعتها الإنكليزية بأكسفورد سنة ١٧٣٨ ، وظهرت ترجمتها الفرنسية الأولى سنة ١٧٤٣ ، قبل أن يختصرها ويعلق عليها ماك كارثي (Mac Carthy) سنة ١٨٣٠. أنظر قائمة المراجع المعتمدة في التعليق المثبتة في آخر الكتاب.
(٢) سهل متيجة من أهم السهول الساحلية بالبلاد الجزائرية ، يتميز بعمق تربته ووفرة مياهه وانتشار بعض المستنقعات بوسطه ، تحده جنوبا سلسلة جبال الأطلس البليدي وشمالا مرتفعات الساحل ، ويعتبر الطريق الطبيعي بين بلاد القبائل الجبلية وحوض الشلف ، يقدر طول هذا السهل بأكثر من مائة كيلومتر ، أما عرضه فيبلغ في أقصى اتساعه ٣٥ كلم.