الرسالة الرابعة
٥ أكتوبر (١٧٣٢).
سيدي ،
بمجرد أن عاد باي تونس الذي يلقب بالملك (١) من معسكر باجة حيث التقينا به سابقا ، وفي هذه المرة ذهبنا إليه وهو بمدينة تونس لتقديم الشكر ولطلب السماح لنا بالسفر إلى داخل البلاد. وقد أبلغنا بعد بضعة أيام من الانتظار أنه لا يمانع في قيامنا بهذه الجولة لكنه أبدى تحفظا على ذلك بدعوى أن هذا السفر يعرضنا إلى خطر محقق نظرا للحقد الذي يكنه العرب للنصارى والذي تأجج في هذا الوقت بالذات بسبب غزو الإسبان لإفريقيا (٢) ، وعلّل موقفه هذا بأنه استجابة لرسائل التوصية التي كتبها داي الجزائر في
__________________
(١) يحمل باي تونس باعتباره الحاكم المطلق الصلاحية في مملكته لقب الملك ، والمقصود هنا هو الباي حسين بن علي التركي مؤسس الأسرة الحسينية الذي حكم تونس من ١٧٠٥ إلى ١٧٥٩ (أنظر ترجمته : هامش رقم ١١٩).
(٢) يقصد به غزو إسبانيا لوهران والمرسى الكبير ، فقد صمم الإسبان على استرجاع موقعي وهران والمرسى الكبير اللذين فقدوهما سنة ١٧٠٨ بعد أن تعهد الملك فيليب الخامس باستعادتهما ، واستمر الإعداد للحملة ثلاث سنوات ، انتهت بتوجه الأسطول الإسباني في ١٥ يونيو ١٧٣٢ من أليكانت إلى سواحل وهران ، وكان الأسطول يتكون من حوالي ٥٠٠ سفينة نقل و ١٦ سفينة حربية منها فرقاطتان وغليوطتان ، أما عدد الجند المشارك في الحملة فكان ٠٠٠. ٢٨ ، وتولى قيادته الكونت دو منتيمار (Le Comte de Montemar). ورغم هيجان البحر ، فقد تم إنزال القوات بساحل الأندلس غرب وهران في ٢٩ يونيو ، وبعد مواجهة القوات الإسبانية لمقاومة عنيفة من قوات باي الغرب