ذات التربة الخصبة التي توفر منتوجا بدون جهد كبير ، كما أن انعدام الماء ناتج عن جهل السكان وكسلهم ، ففي الأماكن التي كان يقدم لنا فيها المخيض لشح الماء عثرنا على منابع يمكن الحصول منها على الماء بأقل جهد ، كما أنه عندما ينقص العشب ويشح كلأ الحيوانات يقدم هؤلاء العرب على بيع إنتاجهم من القمح والصوف والشمع والعسل في المدن المجاورة ، ويتنقلون للبحث عن مكان لهم في الأودية الخصبة حيث تنتشر خيامهم فيه ، في الوقت الذي لا نجد إلا القليل جدا من العرب في مساكن قارة لكونها مجلبة للاحتقار ، فهي في نظرهم مصدر الخضوع والعبودية.
ومع أننا لا يمكن لنا معرفة شيء عن الآثار الرومانية التي توجد في مملكة الجزائر هذه ، حيث أن هؤلاء السكان من العرب لا ينفكون يسعون بدون هوادة لتدمير بقايا آثار المدن القديمة خوفا من أن يستعمل أحجارها الأتراك في بناء حصون تساعدهم على إبقاء العرب تحت سيطرتهم كما حدث في العديد من الأماكن (١).
تلتزم حكومة الجزائر بمعاملة عادلة مع العرب والبربر الذين ظلوا ممتنعين بالجبال والذين في استطاعتهم أن يقدموا مساعدة كبيرة للبايليك عند الحاجة ، إذ يرجح أن في استطاعة هؤلاء السكان في وقت قصير جمع مائة ألف فارس أغلبيتهم مسلحة بالبنادق والسهام للتصدي للإسبان الذين يتوقعون هجومهم في هذا الوقت.
وفي ٢٩ أبريل وصلنا إلى الجبل وصعدنا قسما منه بمشقة كبيرة يتملكنا خوف من القبائل التي تسكنه والتي ظلت حتى الآن تدافع عن حريتها وتمانع
__________________
(١) من أهم الحصون والأبراج التي أقامها حكام الجزائر كنقاط حراسة ومراقبة القبائل الجبلية والعشائر البدوية بالجهات المتاخمة لإقليم دار السلطان والمتحكمة في مناطق التيطري وبلاد القبائل هي أبراج : أم نائل ، ساباو ، تيزي وزو ، بوغني ، حمزة ، سور الغزلان ، الوادي ، بوحلوان.