في دفع الضريبة لحكام الجزائر ، ولهذا تم تنبيهنا بأن لا نبتعد عن المحلة ولا ننساق إلى ذلك بفعل حب الاستطلاع عند توقفنا لجمع النباتات بعيدا عن جماعة الجند (المحلة) ؛ وقد أمضينا يوما كاملا في قطع هذا الجبل الذي يسمونه جبل الجزائر (١) ، وبعد اجتيازه نصبنا خيامنا في سهل بوحلوان في مكان يعرف بقاع الواد ويدل عليه اسم هذا المكان لأنه الموضع الذي يوجد به منبع وادي جر الذي اجتزنا مجراه أربع عشرة مرة في اليوم (٢).
وفي ٣٠ أبريل وصلنا إلى مليانة أو ميلية ، وقد استقبل فيها الآغا بالمراسيم الشرفية المعهودة ولم نعثر فيها على شواهد تدل على تاريخها القديم سوى نقش موجود بحصنها ، وهذه المدينة مبنية على نتوء صخري عند جبل زكار وقد حاولت تسلق هذا الجبل ، وكان علي بذل جهد كبير حتى أبلغ قمته (٣) ، على أن تقدم المساء واقتراب حلول الظلام ولكون الطريق إليه تعترضه الصخور الوعرة التي لا يمكن عبورها أرغمني على أن أتخلى عن هدفي وأن أعود على أعقابي إلى المدينة بعد أن جمعت بعض العينات من معدن النحاس والحديد التي وجدتها متناثرة على الأرض ، وأثناء وجودي في مليانة كنت متضايقا لعدم تمكني من زيارة حمامات باكومام ماريده
__________________
(١) يعرف بهذا الاسم لأن الطريق الرئيسي الذي يربط مدينة الجزائر بالغرب الجزائري يعبره ، كما يعرف بجبل صماتة نسبة إلى القبيلة التي تقطنه وتتولى حراسته عند معبر الخندق ، وهذا الطريق يساير في هذه الناحية الخانق الطبيعي بين جبلي موزاية وصماتة ويتوغل في وادي جر قبل أن يصل إلى معبر الخندق الإستراتيجي الذي يحرسه فرسان مخزن بوحلوان وتؤمن السفر عبره حامية برج بوحلوان. أنظر الخريطة رقم ١ الملحقة بالكتاب.
(٢) يعتبر وادي جر المعبر الطبيعي بين سهل متيجة في الشرق وسهول الشلف في الغرب ، تحف به جبال موزاية وصماتة ، ويشكل بمنعرجاته الكثيرة خانقا يسلكه طريق الجزائر ـ وهران ، ويضطر المسافر إلى قطع مجراه في العديد من الأماكن لا تقل عن أربعة عشر معبرا.
(٣) يقصد به جبل زكار الغربي الواقع شمال مدينة مليانة التي بنيت على إحدى منحدراته الجنوبية ، ويبلغ ارتفاعه ١٥٨٠ م.