كان علينا في يوم الغد وهو ٣ جويلية أن نقوم برسم المدينة والقنطرة وقوس النصر والحنايا ، فاصطحبنا فارسين ليقوما بحمايتنا ، وأثناء القيام بهذه المهمة تعرضنا للشتم من طرف عامة الناس وتكرر ذلك عدة مرات ، وعندما كان اهتمام مجموعتنا التي تتألف من بعض الأشخاص منصبا على مشاهدة معاينة المدينة كان الناس ينظرون إلينا وكأننا جواسيس إسبان ، وهذا ما جعلنا في وضع حرج حقا لم يسبق لنا أن تعرضنا لمثله قبل ذلك ، وبالفعل فقد واجهنا خطرا محدقا من جراء ما حدث لنا هذا اليوم ، فقد تجمهرت حولنا مجموعة كبيرة من الناس ، ورغم كل المقاومة التي واجههم بها حراسنا فإنهم رمونا بالحجارة التي انهارت علينا وكانت أحجامها كبيرة جدا وقد وجهت نحونا بدقة ، وقد كان يقود هذا الهجوم ضدنا أحد المحرضين ، وأمام هذا الوضع الحرج فضل أحد الفرسان المصاحبين لنا الهروب بينما ابتعد عنا الآخر وهو من الأعلاج الألمان ليعود بسرعة مسلحا ببندقية وسيف وغدارة ، وبالفعل تصدى لهذه الجموع فجرح بعض الأشخاص وتفرق الآخرون ، وقد كنا بعد ذلك ممتنون للاسترضاء الذي حظينا به لدى قائد المدينة إثر هذه الحادثة ، فقد قام بمعاقبة أحد الأشقياء الذين تعرف عليهم الفارس المرافق لنا ، فضرب ضربا مبرحا بالعصا ولو لم نتدخل لصالحه لتسبب ذلك في هلاكه.
وعندما علم الباي بالحادثة التي تعرضنا لها أعطى أوامره للبحث عن متزعم تلك المجموعة ولكن هذا الأخير تمكن من الهرب ، فطمأننا بأنه سوف يعاقب شخصا آخر مكانه ليكون عبرة وحتى يتعلم هؤلاء الناس احترام أصول الضيافة التي يلتزم بها الأتراك بكل متطلباتها ومقتضياتها ، والتي خولتنا حقوقا خاصة نظرا لكوننا نتمتع بحماية الباي ولأننا نقيم في منزل قائد المدينة ، بحيث أن أي إهانة تلحق بنا قد تتسبب في قتل أي عربي يقترفها.
__________________
على أن النساء اللاتي يلقين منها كن يوضعن في كيس (شكارة). وقد ورد في الروايات الشعبية أنه كان يوضع في الكيس مع المرأة المحكوم عليها بالإعدام ثعبان نكاية بها.