كانت موطن أبوليو (١) Apule؟e)).
لقد انتقلنا من القالة إلى طبرقة أملا في العثور على بعض النباتات البحرية ؛ فركبنا زورقا يسير بالمجاديف ، وبعد ست ساعات وصلنا جزيرة طبرقة وهي تبعد عن اليابسة ببعض مئات من الأقدام (٢) ، وهي عبارة عن صخرة محصنة بفعل عامل الطبيعة وعمل الإنسان وفي أعلاها حصن ؛ يمارس سكانه تجارة مربحة جدا مع العرب ويشتغلون أيضا بنجاح في صيد المرجان.
تعود ملكية جزيرة طبرقة إلى آل لوموليني (Lomellini) الجنويين بعد أن منحت لهم هذه الجزيرة كهدية من أحد أعيان مدينة تونس اعترافا منه بفضل الذين أطلقوا سراحه بعد أن وقع في الأسر ووثقوا بكلامه واعتبروه تعهدا شرفيا منه لدفع فديته ، وقد كانت هذه الجزيرة في وقت سابق ضمن ملكية الإمبراطور شرلكان الذي عمل على تحصينها لاستعمالها في حملته على
__________________
جولاته إلى تاغاست أو مادور الواقعتين بعيدا في الجنوب وإنما ذكرهما في معرض حديثه عن القديس أغسطين.
(١) أبوليوس (Apule؟e) وهو لوسيوس أبوليوس (Lucius Apuleius) (١٢٥ ـ ١٨٠ م) الأديب اللاتيني ، ولد بمادور (مداوروش) بنوميديا ، درس بمسقط رأسه وبقرطاج وأثينا ، وتجول في العالم الروماني ، واستقر مدة بمدينة طرابلس ، وكرم بقرطاج كخطيب وكاتب. اعتنق المذهب الأفلاطوني وعرف ببلاغته ومحاضراته في الفلسفة والعلوم والآداب ، واشتهر بأشعاره وكتاباته الأدبية ، فلم تصلنا منها سوى المرافعة (Apologie) وهي دفاعه عن نفسه من تهمة السحر ، وبعض نصوص محاضرات الأزاهير (Florides) ، أما الرواية التي خلدته في عالم الأدب القديم والتي ظلت متداولة ومعروفة باعتبارها أول رواية في التاريخ ، فهي" التحولات" (Me؟tamorphoses) أو الحمار الذهبي التي استقاها من الأدب الإغريقي ووضعها في أحد عشر كتابا وعرض فيها مغامرات وأوضاع شخص تحول بفعل السحر إلى حمار.
(٢) تقدر المسافة بين حصن جزيرة طبرقة والساحل المقابل لها ب ٤٠٠ متر ، وهي اليوم ملتصقة بالبر بعد إصلاح الميناء وتهيئة طريق يؤدي إلى حصن الجنويين الذي تهدمت بناءاته الداخلية.