مدينة تونس ، وهي اليوم تتكفل بالدفاع عن نفسها (١) ، وسكانها يتكلمون لغة إيطالية غير سليمة. وغير بعيد من هذه الجزيرة عند مصب وادي قنديل بربا (Gondil ـ Barba) تشاهد آثار طبرقة أو طبثرة (Thabathra) التي كانت فيما مضى مدينة أسقفية شهيرة.
وبعد معاينة بعض النباتات والأسماك غادرنا طبرقة على إحدى السفن الجيدة التسليح وذلك لعلمنا بأن القرصان الذي استولى على قارب الصيد بطبرقة لا يزال متواجدا أيضا بنواحي رأس نيغرو. وقبل سفرنا استقبلنا حاكم جزيرة طبرقة بحفاوة حاول أثناءها تجاوز ما صدر منه سلفا ، إذ قابلنا بكل تحفظ في أول مرة عند نزولنا بالحصن ظنا منه أننا فرنسيون ، ليظهر لهم أنه لم ينس ما لحق به من اعتداء تحت حصن القالة عندما استولى أحد القراصنة على سفينة تابعة له ؛ ورغبة منه في تجاوز ما صدر منه وتعبيرا عن امتنانه لنا ودعنا بعدة طلقات مدفعية.
وفي نفس اليوم (٢٥ جويلية) وصلنا إلى رأس نيغرو (٢) ، وعملا بالأوامر التي أصدرها تمت تحيتنا بطلقات مدفعية واستقبلنا الحاكم مع بعض الضباط على الشاطئ ؛ وهذا ما نعتبره تشريفا خاصا بملكنا نحاول جاهدين أن نكون أهلا له.
لقد أصبحنا الآن بمملكة تونس ، ونظرا لكون الباي كان مع الجند
__________________
(١) لا نسلم بهذه الرواية المتعلقة باستقرار الجنويين بحصن جزيرة طبرقة ، فمن المعروف أن وجود الجنويين بها يعود إلى عهد متقدم عندما تنازل لهم عنها خير الدين بربروسة مقابل إطلاق سراح مساعده الرايس دراغوث باشا (أنظر الهامش رقم ١١٠).
(٢) رأس نيغرو (Cap Negro) نتوء بحري يقع إلى الشرق من طبرقة ، يتحكم في خط الملاحة بين بنزرت وعنابة ، عرف في القديم بوجود معبد أوبولون به حسب بطوليمي (Ptole؟me؟e). أقام به الفرنسيون مؤسسة تجارية لصيد المرجان ، وتمكن الباي علي باشا من الاستيلاء عليه بعد حملة عسكرية بقيادة ابنه يونس سنة ١٧٤١.