يمتلكها ، لكن حنكته جعلته يعلل رفضه بأن هذه اللبؤة كانت ضمن الهدايا التي سوف يقوم بإرسالها للسلطان العثماني ، وهو الآن يتهيأ لإرسالها إلى إستانبول ، ثم عقب على كلامه هذا بأنه سوف يخص الملك الذي أرسلني بأول ما يحصل عليه من هذه الحيوانات شريطة أن أعود لتسلمها ، فآليت على نفسي عهدا أمامه بأنني سوف أرجع لزيارته ، وأثناء ذلك أبدى الداي التفاتة تنم على الحفاوة التي حظيت بها عنده ، حيث سلمني رسائل توصية منه إلى حكام قسنطينة وتونس وطرابلس ، فالأول وهوباي قسنطينة كان تابعا لسلطته والأخيران يعتبران مجرد حلفاء له.
وقد يكون من اللائق لسيادتكم ملك بولونيا أن تطلعوا على محتوى الرسالة الموجهة إلى باي طرابلس ، خاصة وأنها تعطي في نفس الوقت فكرة عن أسلوب هذه الشعوب في المراسلة وهذا نصها : الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه ، السلام عليكم وعلى أهلكم وحكومتكم ووطد الله حكمكم ، أخونا وسيدنا [أحمد] باشا طرابلس ابن السيد يوسف ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، تلازم رفيع مقامكم بكرة وعشية ، فالمعروض على سمعكم الشريف وفهمكم اللطيف ، أن هذا المسيحي السيد الأرفع ومرافقيه قدموا إلى بلاد الجزائر للبحث عن النباتات ومن أجل إيجاد أدوية جديدة ، وقد بقوا بضعة أيام في بلادنا وطلبوا مني كتابة خطاب لكم في شأنهم ، فالرجاء أن تشملوا حامله بحمايتكم هو ومرافقوه حتى يتمكنوا من أداء مهمتهم ، هذا وإن احتجت شيئا منا فنحن في خدمتكم ، كتب هذا الخطاب في ١٥ شهر ذي الحجة من العام الهجري ١١٤٤. (١)
وفي هذه الظروف انصب اهتمامي على إرسال الحيوانات التي كانت
__________________
(١) حاولنا الرجوع إلى العبارات التقليدية التي كانت تستهل بها الرسائل في تلك الفترة ، كما أننا أضفنا اسم حاكم طرابلس وهو أحمد لأنه سقط من النص الأصلي ، مع العلم بأن اسمه الكامل هو أحمد بن يوسف بن محمد القرامانلي (أنظر ترجمة هذا الحاكم :
هامش ١٤٧).