المدينة (١) وهي تعتبر مزارات وخاصة منها أضرحة المرابطين التي تتخذ أماكن للعبادة ويكون الجناة في مأمن عند احتمائهم بأحد المساجد أو الأضرحة ، وكل مسيحي نزق أوطائش يدخل إليها ينظر إليه السكان وكأنه اعتنق الإسلام.
وأماكن العبادة هذه لا يمكن للمار بها التعرف على ما بداخلها ، أما أرضيتها فهي مغطاة بالحصائر والزرابي وأبنيتها تشدها عرصات قوية تتدلى بينها في اتساق ونظام قناديل من الزجاج.
وهذه المساجد تظل مفتوحة طيلة اليوم لأداء الصلوات ، وتقام خمس صلوات في النهار والليل ، وبواسطتها يمكن تقسيم اليوم فيقال ساعة آذان الصبح والظهر والعصر ، أي وقت الصباح ومنتصف النهار والمساء لأن في هذه الأوقات يرفع الآذان من المنارات إيذانا بحلول وقت الصلاة ، ففي آذان الظهر يعلق فوق المنارة علم أبيض وبعد منتصف النهار (العصر) يعلق علم أخضر ولهذا يسمونه بانتيرا نيفا (Panthera niva) أي ساعة نشر علم السفينة ، وفي المساء بانتيرا أباسا (Panthera abassa) أو ساعة طي العلم (٢).
وقصر الملك أي الداي يستعمل في نفس الوقت كقصر للعدالة ، فالداي يجلس منذ الصباح وحتى المساء في أحد أركان فناء هذا القصر المستخدم كقاعة استقبال ، وفي إمكان كل واحد أن يعرض قضيته ، وقبل ذلك يتخلى عن سلاحه ،
__________________
(١) يقدر عدد مساجد مدينة الجزائر ، حسب معلومات الدكتور شو الذي تعرف عليه صاحب الرحلة في الجزائر ، بعشرة مساجد كبيرة وخمسين مسجدا صغيرا ، بالإضافة إلى ثلاث مدارس كبيرة ، ومن أشهر هذه المساجد الجامع الكبير أو المسجد الأعظم والجامع الجديد ، بالإضافة إلى جوامع : كتشاوة ، وميزوموتو ، وعلي بتشنين ، وشعبان خوجة ، وسفير ، والرابطة ، وعبدي باشا ، والسيدة ، وسيدي رمضان ، والمقرئين أو البلاط.
(٢) ارتبطت أوقات النهار بمواقيت الصلاة ، فترفع الأعلام على المآذن وبعض السفن مع حلول وقت الظهر عند منتصف النهار ، وبعد الظهيرة مع صلاة العصر ، وكذلك وقت غروب الشمس وهو وقت صلاة المغرب. وقد جرت العادة أن تكون هذه الأعلام ذات ألوان خاصة ويحرص على طيها في نهاية كل يوم.