وكلمة" شرع الله" أو عدالة الله لها في هذا المقام وزن كبير ، بحيث أن كل فرد مهما علا شأنه يحصل على تطبيق حكم العدالة بمجرد النطق به ، والأجانب يتوجب عليهم إظهار الاحترام لقصر الداي بنزع قبعاتهم عند مرورهم أمامه.
وبعد محكمة الداي تأتي محكمة القاضي والتي تشكل في الواقع محكمة أولية ، ومنها يمكن رفع الشكوى إلى محكمة الداي ، ولا يتطلب الانتهاء من القضية وقتا طويلا ، فهي لا تستغرق سوى ما يتطلبه حضور المتقاضين وسماع الشهود وتقديم الشكوى ، وتنفيذ الحكم يتم في اليوم نفسه ، والأتراك تتم معاقبتهم في سرية حفظا لكرامتهم ، بينما تنفذ الأحكام علانية في الحضر وباقي طوائف السكان الآخرين عند باب عزون ، والأسرى المسيحيون غالبا ما يضطرون للقيام بمهنة الجلاد التي ليس فيها ما يعيرهم أو ينقص من مكانتهم لأن أمر تنفيذ الإعدام يتولاه الشواش وهم الضباط الرئيسيون بقصر الداي في هذا الشأن.
يعود التصرف في شؤون سكان الريف إلى آغا الصبائحية (١) ، وهو الآن ابن الداي الحالي ويتم تنفيذ العقوبة في هؤلاء السكان الخاضعين في خيمة تنصب لهذا الغرض. هذا ويتم تنفيذ الحكم في الجرائم الكبرى بطريقة غير عادية ، فاليهودي أو النصراني الذي ينقص من معدن العملة تقطع يديه ويشنق ويطاف بجثته على ظهر حمار في أرجاء المدينة ، وهذه العقوبة نفذت حديثا
__________________
(١) يعود التصرف في سكان الريف بإقليم مدينة الجزائر المعروف بدار السلطان والمؤلف من أوطان متيجة والساحل (أنظر هامش رقم ٥) إلى آغا العرب أو قائد الحامية الذي يأتمر بأوامره شيوخ الدواوير وقياد العشائر بهذا الإقليم ، وهذا ما زاد في صلاحياته وجعله بمثابة الحاكم الفعلي للجزائر ، وإن كان يخضع إلى الداي الذي ينصبه في هذه الوظيفة وقد يعزله منها لأي سبب ، ونظرا لأهمية هذا المنصب فإن صاحبه يكون محل ثقة وربما يختار من أفراد أسرة الداي أو أبنائه ، كما هو الحال مع الداي كرد عبدي الذي كلف ابنه بهذا المنصب الخطير ، وهذا ما لاحظه هابنسترايت وأشار إليه في رحلته.