قرش أوفلورين في السنة ، الجزء الأكبر منها كان يودع في الخزينة الموجودة في مكان أمين لا يمكن لأي شخص الدخول إليه ما عدا الخزناجي الذي يصاحبه لدى دخوله إليها أحد الأسرى ويكون مجردا من الملابس دفعا للشبهة ، وهذه الخزينة تدخلها مقادير ضخمة من الأموال ولكنها لا تخرج منها أبدا الأمر الذي يسمح لنا بالتكهن بأنها تحتوي على كوم هائل من الذهب والفضة في شكل نقود وأشياء ثمينة (١) ، ومدخل هذه الخزينة محروس بعناية والجند يأمرون الناس المارين بقربه بتعرية رؤوسهم.
تشكل تجارة الأسرى المسيحيين أحد مصادر الدخل الرئيسية ، فكل أسير له قيمة محددة حسب مكانته ، فالقابودان ، وهو قائد السفينة ، يتطلب إطلاق سراحه دفع ألفين وخمسمائة قرش ، بينما معاونه وكذلك صانع السفن أو الجراح فيدفع عن كل واحد منهم ألف وخمسمائة قرش ، أما البحار فعليه تسديد ألف قرش. وعادة ما يكون ثمن إطلاق الأسرى الألمان أعلى من الآخرين لمهارتهم في شؤون البحرية. أما الآباء المشتغلون بقضية تحرير الأسرى (Les Pe؟res de la Re؟demption) والذين يتكفلون بدفع ديتهم فيأتون إلى الجزائر كل سنة ويحالفهم النجاح دائما في تحرير بعض الأسرى ؛ ومن حسن الحظ أن يكون المرء أسيرا لدى الداي ، لأن الآباء المسيحيين المكلفين بفدية الأسرى ملزمون بتخليص أسرى الداي قبل غيرهم.
هذا ويتجمع أسرى الداي في المساء في سجون عامة على هيئة ملاجئ
__________________
(١) توجد خزينة الجزائر الواقعة أسفل المدينة في إحدى الغرف الملحقة بقصر الجنينة ، وكانت تضم كميات كبيرة من الأموال والنفائس ، بعضها في شكل قطع نقدية وبعضها الآخر عبارة عن مقتنيات نادرة وأشياء ثمينة ، وقد حرص حكام الجزائر على عدم الإنفاق منها إلا في حالات نادرة ، مما جعلها بمثابة كنز ثمين لا يقدر بثمن ، وحتى بعد نقلها إلى أعلى المدينة بحصون القصبة بأمر من الداي علي خوجة عام ١٨١٧ ، ظلت تحتوي على ثروات طائلة ، فقد قدر الفرنسيون احتياطاتها من العملة والأشياء الثمينة ، عند استيلائهم عليها سنة ١٨٣٠ ، ب ٤٨. ٦٨٤. ٥٢٧ فرنك (بقيمة ١٨٣٠) ، راجع :
ناصر الدين سعيدوني ، النظام المالي ... ، المصدر نفسه ، ص ص. ١٦٩ ـ ١٨٧.