وقنفذين صغيرين ، وأعطى أوامره بأن يبحث لي عن النعام وحيوانات نادرة أخرى ، ونفس السلوك أبداه معي الآخرون ، فكلما قدمت خدمة لأحد إلا وحاول أن يظهر لي عرفانه بالجميل بتقديم هدايا كالتي قدمها لي الآغا. وهذا ما جعلني آمل أن أحقق الهدف الرئيسي من رحلتي فيما يتعلق بالبحث عن الحيوانات الممكن العثور عليها في منطقة شمال إفريقيا (١) ، وقد اعتقدت أنه بإمكاني تنمية مجموعتي من الحيوانات التي تحصل عليها المحلة من سكان الريف أثناء جمعها للضرائب ، إذ اعتادت أن تحمل معها عند عودتها إلى مدينة الجزائر بعض الحيوانات المتوحشة.
لقد سنحت لي الفرصة أثناء رحلتي هذه أن أتعرف على سلوك وعادات هذه البلاد ، وهذا ما سوف أعرضه فيما يلي من أجل تصحيح معلومات مارمول ودابير وتاسي فيما كتبوه عن مملكة الجزائر (٢). فمدينة الجزائر عاصمة المملكة التي تحمل اسمها والتي عرفت في الماضي باسم موريطانيا القيصرية ، كما كانت تعرف في الماضي أيضا مملكة فاس باسم
__________________
(قيادات ساباو ، بني جعاد ، بني سليمان ، عريب) ، وجعل منه المراقب الفعلي لبايات المقاطعات الأخرى (قسنطينة ، المدية ، معسكر) ، وقد سمحت له مكانته العسكرية بقيادة فرق الجيش التي تتشكل منها المحلة المكلفة بمراقبة الريف وجمع الجباية من سكانه بأوطان دار السلطان وبايليك التيطري.
(١) فضلنا استعمال تعبير منطقة شمال إفريقيا على تسمية موريطانيا التي لم تكن معروفة في العهد العثماني ، والتي اقتبسها صاحب الرحلة من الكتب التاريخية القديمة لجهله بالواقع التاريخي الذي جعل تلك المنطقة تعرف بالمغرب العربي تاريخيا وبشمال إفريقيا جغرافيا.
(٢) تميزت كتابات غالبية القناصل والرحالة الأوربيين وجل رجال الدين المسيحيين بمعاداة الوجود العثماني بإيالات المغرب العثمانية (الجزائر وتونس وطرابلس الغرب) ، وخاصة منهم رجال الدين الأسبان والفرنسيين والإيطاليين مثل هايدو (Hae؟do) ودان (Dan) ودابر (Dapper) وكوبان (Le R.Pe Coppin) وجرمان مووات (S.G.Mouette) ودولاموت. (Le pe؟re Phi.De la Motte) أنظر قائمة بأهم الكتابات الغربية حول المغرب العربي الملحقة بالكتاب.