موريطانيا الطنجية. وهذه البلاد" مملكة الجزائر" تعرف عادة لدى الكتاب الأوربيين ببرباريا (Barbarie) أو البلاد المتوحشة (١) ، وحسب دلالة هذه الكلمة فإنها تعني أنها مأهولة بأشخاص متوحشين وشرسين وهذا ما نعتبره منافيا للحقيقة إذ يجب أن ينصف القسم الأكبر من سكان هذه البلاد ، فهم أفراد بعيدون عن التوحش ، يقدرون الأجانب ولهم رغبة ملحة في التعاون معهم ، فلفظ المتبربرين أو البرابرة يراد به سكان الصحراء أو أنه مقتبس من الإغريق أو الرومان الذين كانوا يطلقون على كل الشعوب التي لا تتكلم لغتهم هذه التسمية.
تقع مملكة الجزائر بين خطي عرض ٣٣ خ و ٣٧ ٢٠ خ شمال خط الاستواء ، وبين ١٥ و ٢٠ من خطوط الطول غرب جزيرة الحديد (٢) ، ويحدها من الشمال البحر المتوسط ومن الغرب مملكة فاس ومن الشرق مملكة تونس ، أما في الجنوب فتوجد جبال الأطلس والتي نرى قممها في هذا الوقت (شهر فبراير)
__________________
(١) برباريا (Barbarie) تعريف اعتاد الأوربيون وخاصة رجال الدين والقناصل إطلاقه على أقطار المغرب العربي في العهد العثماني ، باعتبارها بلادا تمارس القرصنة ويتصف سكانها بالتوحش والقسوة ويتخذ حكامها موقفا عدائيا من الأوربيين ، وهم في ذلك يعبرون عن موقف عدائي تعود أصوله إلى مفاهيم الإغريق والرومان عن الشعوب التي لا تنتمي إلى حضارتهم.
ولعل ما يميز موقف هابنسترايت في هذا الشأن هو كونه تنبه إلى هذا التحامل واعتبره موقفا غير مبرر ، بل أكد بأن سكان أقطار المغرب العربي هم أبعد ما يكونون عن حالة التوحش ، وهذا ما يميزه عن غيره من غالبية الرحالة الأوربيين الذين كتبوا عن منطقة شمال إفريقيا.
(٢) ربما يقصد بها جبل طارق أو إحدى جزر المحيط الأطلسي ، مع العلم بأن تلك التحديدات لم تعد معمولا بها بعد أن اعتمد خط غرينيتش كأساس لتحديد خطوط الطول شرقا وغربا ، والذي يحدد موقع البلاد الجزائرية بمقتضاها بين خطي الطول ١٠ شرق و ٨. ٣٠ غرب غرينيتش ، وخطي العرض ١٩ و ٣٧ شمال خط الاستواء أي على امتداد ٢٠٠٠ كلم وبمساحة إجمالية تبلغ ٢. ٣٨١. ٧٤٣ كلم مربع منها ٣٨١. ٠٠٠ كلم مربع شمال الصحراء.