للبايليك لدعوتهم سكان الريف إلى الخضوع وعدم العصيان ، وفي هذا المكان حصلت على أول الحيوانات خلال رحلتي ، فقد قدم لي الآغا هدية تتمثل في حيرم (bubade) أو بقر وحش (Le bacheraraach) صغير كان قد أعطاه له المرابط ، وهو حيوان أشبه بالأيل إلا أن له قرون غزالة ، وقد يبلغ حجمه عند اكتمال نموه حجم البقرة وهو يعيش في الصحراء حيث لا يمكن القبض عليه إلا عندما يكون صغيرا ، وقد اشتريت بعض الماعز لتغذيته من حليبها لأنه لا يزال في طور الرضاعة
في ٤ ماي وصلنا إلى مواطن قبيلة وامري ، ولم نر هناك شيئا يلفت الانتباه سوى طريقة تطبيق الأحكام حسب الأسلوب التركي ، فقد جرت معاقبة أحد أعيان العرب ضربا بالعصا للاشتباه في سلوكه ، وهذه العقوبة تسلط عادة لأقل إهانة قد تصدر من أي شخص ، فقد يعاقب بمائة ضربة عصا رجال القبائل الذين لا يقومون بتقديم الزاد المطلوب منهم توفيره للمحلة عندما تحط رحالها بأرضهم (١).
وفي ٥ ماي وصلنا إلى المدية (٢) ، فاستقبل الآغا عند حلوله بها بثلاث
__________________
(١) تعرف عادة تقديم الزاد والتكفل بضيافة فرق الجند ب" ضيفة المحلة" ، وهي تعتبر من الواجبات التي يلزم بها سكان الريف ويحرص على القيام بها شيوخ القبائل عندما تحط المحلة رحالها عندهم ، بحيث يتعرض من يحاول التهرب من أدائها إلى العقاب والتغريم ؛ ولهذا كانت أغلب القبائل تسارع إلى تقديم ما يتوجب عليها من جباية ورسوم حتى تتجنب توجه المحلة نحوها والنزول بأراضيها وبالتالي التكفل بضيافتها.
أنظر : ناصر الدين سعيدوني ، دراسات تاريخية في الملكية والوقف والجباية ، بيروت ، دار الغرب الإسلامي ، ٢٠٠١ ، ص ص. ٣٠٦ و ٣٤٢ ـ ٣٤٣.
(٢) مدينة المدية مركز مقاطعة التيطري ، تقع على بعد ٩٠ كلم جنوب جنوب غرب مدينة الجزائر. يعود تأسيس المدية إلى الأمير بولكين بن زيري (٣٤٠ ه / ٩٦٠ م) ، وأصبحت ضمن أملاك الموحدين ثم الزيانيين ، وخضعت فترة لحكم المرينيين ، وخضعت للأخوين عروج وخير الدين بربروسة سنة ١٥١٧ ، وجعل منها حسن بن خير الدين عاصمة مركز مقاطعة بايليك التيطري عندما أحدث نظام المقاطعات (البايليكات) سنة ١٥٦٥ ، وكان