الأعذار إرسال ضباط مكانهم لحمل جباية مقاطعاتهم إلى مدينة الجزائر (١).
هذا وإن عادات وتقاليد الجزائر تحددها ضوابط الشريعة الإسلامية ، فالمسلم الصالح يتوجب عليه حسن معاملة أصدقائه ، كما يطلب منه أن يكون شديدا مع أعدائه رحيما بالمنهزمين ، وفي هذا الشأن قارنت حالة الشقاء التي عليها الجزائريون بمرسيليا مع وضعية الأسرى المسيحيين بشمال إفريقيا ، فالأولون لا يستطيعون إلا بشق الجهد جر أغلالهم الثقيلة ، بينما الآخرون وهم الأسرى المسيحيون في الجزائر يقضون نهارهم أحرارا مقابل دفعهم مبلغا ماليا كل شهر ليطلب منهم في المساء التوجه إلى مقراتهم التي لم تكن أبدا غير مريحة بالنسبة إليهم ، وحتى الأسير المسيحي الذي يرتد عن معتقده لا يحظى بالترحيب ، لأنه ليس فقط تسبب في خسارة سيده بعد أن تسقط الفدية عنه بإسلامه وإنما ينظر إليه على أنه لم يعتنق الإسلام عن اقتناع.
وفي هذا الجو يتمتع الكل في الجزائر بحرية المعتقد ، فالأجانب يكرمون والكل في وضعية تمكنهم من القيام بما يرغبون فيه. والأسير المسيحي يستطيع أن يحصل على حكم عادل عن أية معاملة سيئة يتلقاها من سيده عندما يثبت ما يؤكد تظلمه ، في الوقت الذي يلاقي فيه البحارة الجزائريون عقابا مضاعفا عندما يقعون في أيدي أعدائهم الأوربيين الذين هم في حرب لا هوادة فيها معهم (٢).
__________________
(١) تعرف عملية حمل الجباية والرسوم من مراكز المقاطعات إلى مدينة الجزائر بالدنوش ، إذ يتوجب على كل باي حملها بنفسه كل سنة وهي الدنوش الكبرى ، بينما ترسل الجباية في فصلي الربيع والخريف من كل سنة مع خليفة الباي وتعرف بالدنوش الصغرى ، وترتبط الدنوش الكبرى التي يحملها البايات بإجراءات خاصة بحيث يستقبل البايات خارج مدينة الجزائر ، وينزلون في جناح خاص من قصر الداي ، فيحرصون على إرضاء الداي وأعضاء الديوان والشواش ، حتى يتجنبوا المساءلة وحتى لا يتعرضوا إلى العزل أو ينفذ فيهم حكم الإعدام.
(٢) لقد اتصف هابنسترايت هنا بالصدق والنظرة الموضوعية في مقارنة معاملة الأسرى