البحث عنها وبعد ما حصل عليها أهداها لي ، فأرسلتها إلى مدينة الجزائر مع بقر الوحش ، وتكفل السيد شولتر بمرافقتها في حراسة بعض الفرسان ، وقد كان ذلك ممكنا لأن هذا الطائر وهو النعامة يتنقل بسهولة ولا يتطلب حمله عند الانتقال من مكان إلى آخر ، على أن إرساله إلى ألمانيا على بعد ستة آلاف ميل من الجزائر شيء لن يتأتى إلا بصعوبة كبيرة ، لأنه لا يستطيع تحمل قطع هذه المسافة الطويلة.
لقد أطال الآغا توقفه بنواحي المدية ، وهذا ما مكنني من القيام بجولات قصيرة في الجبال المجاورة ، فقمنا بزيارة لكهوف تعرف بغيران الحديد ، آملين أن نعثر فيها على بعض التكوينات المعدنية ، وقد علمنا أثناء ذلك أنه في فترة سابقة ليست ببعيدة اكتشف فيها الأسرى المسيحيون معدني النحاس والفضة ، لكن إنتاجها كان محدودا إذ لم نر بها سوى حجارة تحتوي على مكونات معدني الحديد والبيريت (ferrugineuses ,Pyrites) ، وأثناء انتقالنا إليها كان غذاؤنا خروفا أخذه مرافقنا من أحد الرعاة في الطريق دون أن يستطيع هذا الأخير أن يفتكه منه ، وقد رجوت الذي استولى على الخروف أن أدفع ثمنه للراعي عن طيب خاطر ، فأجابني قائلا أن هذا السلوك مخالف لما جرت عليه العادة ، وأثناء هذه الجولة تسلقت جبل الفرنان الموجود في تلك الناحية ووجدت به نقوشا كتابتها غير مكتملة لتعرض أغلبها للتلف.
وفي ١٢ ماي وصلنا عند قبيلة أولاد إبراهيم حيث وجدنا بها رجلا صالحا (مرابطا) قدم من صحراء عين القطران لتحية الآغا ، وقد أهدى لي حيرما أو بقر وحش ، وكنت محظوظا لكون هذا الحيوان أنثي ، وهذا ما أسرني كثيرا لأن الحيرم الآخر كان ذكرا ، وقد ذكر لي المرابط عندما اجتمعت به أن هناك منبع ماء بالصحراء له طعم الزفت أو القار ويحتوي على خصائص طبية تساعد على الشفاء من كل أنواع الأمراض (١) ، ووعدني بأن يرسل لي زجاجة
__________________
(١) من المؤكد أنه يشير هنا إلى عين القطران الواقعة بالجبال المشرفة على سيدي عيسى