(Bacoumam Mareda) الواقعة على بعد مسافة قصيرة (١).
وفي ٢ ماي تابعنا طريقنا عبر أراضي قبيلة جندل وتوقفنا في بلاد عمورة (٢) ، ورأينا في تلك النواحي بقايا آثار مدينة كانت في الماضي كبيرة جدا ولم نستطع أن نعرف شيئا عن اسمها الحقيقي بعد أن بحثنا دون جدوى عن بعض النقوش ، واكتفينا بمعاينة معالم صهاريج وحنايا مياه وبقايا سور متين البناء.
إن مكان هذه الآثار لا يبعد كثيرا عن موقع معسكرنا وهذا ما شجعني على أن أعود إليه من جديد بصحبة أحد العرب بنية اكتشاف أشياء جديد ، لكني لم أجد سوى بقايا الآثار التي سبقت الإشارة إليها والتي تبين لنا أن هذه المدينة قد دمرت من أساسها ، وفي طريق عودتي إلى المعسكر عرض لي حادث جعلني أندم على جرأتي ، وذلك أن دليلي العربي بدل أن يسلك بي طريقا مباشرا كان يتعمد تضليلي حتى أضيع في وسط الجبال ، وإن كنت لا أجزم هل صدر ذلك منه عن جهل أو عن سوء نية مبيتة ، ومع اقتراب حلول الليل وعندما تبين لي انحرافه عن سلوك الطريق المؤدي إلى المعسكر هددته بإشهار بندقيتي في وجهه وأ رغمته على أن يتوجه نحو المكان الذي حددته له.
فوصلت إلى المعسكر وقد بلغ مني الإنهاك والتعب مبلغا كبيرا بعد أن تحتم علي أن أجتاز في طريق العودة أحد الأودية أربع مرات ، ومنذ هذه الحادثة
__________________
(١) هي المعروفة اليوم بحمام ريغة نسبة للقبيلة التي كانت تنتشر حوله ، وهو يقع على المنحدرات الشمالية الشرقية لزكار الشرقي على ارتفاع ٥٣٠ م. وقد عرفت خصائصه العلاجية منذ العهد الروماني ، وظل حتى اليوم مقصد المعالجين بمياهه المعدنية التي تتراوح حرارتها ما بين ٣٩ و ٦٧ درجة.
(٢) تقطن قبيلة جندل على حدود بايليك التيطري وبايليك الغرب ، يتوقف بها عادة المسافرون المتوجهون من المدية إلى مليانة وبالعكس ؛ فيما تقع أراضي قبيلة عمورة ـ التي مر بها صاحب الرحلة ـ في الجهات الشمالية لمدينة المدية المعروفة بمنطقة التل الشمالي.