التي تم قتلها وهذا ما أزعجني ، فرجوت الآغا أن يمكنني من الحصول على حيوانات نادرة على قيد الحياة وقد وعدني بذلك ، وبعد أن قضينا تلك الليلة في أكواخ العرب بسهل متيجة ، بدأنا نقترب أكثر فأكثر من الجبال فكنا نقضي اليالي كما جرت العادة تحت الخيام أو عند العرب الذين كانوا مضطرين لإخلاء منازلهم لنبيت بها.
في ٢٨ أبريل ، عرفت أن كل ما تتكون منه ثروة العربي ـ إلا إذا كانت له كنوز مخبأة ـ خيمة مسودة من دخان الموقد ينقلها حسب رغبته من مكان إلى آخر وقطيع ماشية وزاد من القمح محفوظ في أحد المطامر وبعض الأثاث ، وسكان الريف هؤلاء يلبسون حسب مقتضيات الوقت ، ويكفي الواحد منهم أن يكون له برنوس من صوف نظيف بعض الشيء ليكسوبه جسمه ليصبح شيخا أو قائد دوار (١) ، وإنه لشرف عظيم أن يمتلك واحد منهم سلاحا ناريا مع كمية من البارود والرصاص ، وهذان الأخيران يعتبران أفضل هدية تقدم إلى هؤلاء الناس ، ولعل ذلك يرجع إلى كون البارود والرصاص يستعملونه في صيد الحيوانات المتوحشة ويساعدهم في الدفاع عن أنفسهم عندما يلتجئون إلى الجبال كما هو حال سكان الجهات الجبلية الأخرى ، ولكونهم يستعملون هذه الأسلحة في التصدي لرجال البايليك فإن هؤلاء الأخيرين يحرصون على تجريدهم من أسلحتهم عندما يكونون موضوع شبهة أو يكون خضوعهم لسلطة البايليك محل شك.
والنساء عند هؤلاء الناس مسخرات للعمل ، فيعتنين بالمواشي ويشتغلن بالزراعة ، وهذا ما يجعل الرجال الذين لا يشتغلون بشؤون المنزل يعيشون حالة من الفراغ ، ومع هذه الوضعية لا تزرع في هذه البلاد سوى الأراضي
__________________
(١) الدوار أو الدشرة بالتعبير المتعارف عليه في الجزائر آنذاك هو مجموعة من الخيام أو المنازل البسيطة التي تشكل في الغالب تجمعا سكانيا بسيطا هو أشبه ما يكون بإحدى القرى الصغيرة.