ويصلون في سلم الترقية إلى رتبة معزول آغا وهي كلمة تعني الرجل الحر (١) ، فيظل صاحب هذه الرتبة يتسلم جرايته حتى وإن لم يقم بأي عمل ، ونفس الامتيازات يتمتع بها الأعلاج وهم النصارى الذين اندمجوا في العنصر التركي ، ولكنهم ظلوا مبعدين عن تولي منصب الداي.
والحضر وهم السكان الأوائل للمدينة ، وقد فرض عليهم الأتراك وضعية التبعية المطلقة ، فليس لأحد منهم الحق في حمل السلاح ، كما أن أملاكهم معرضة للمصادرة لأقل خطإ يصدر منهم في حق الأتراك ، وهم في مجموعهم يشتغلون كعمال وتجار ، أما رجال القبائل المستقرون لمزاولة الزراعة أو البدو الذين يعيشون في الريف بعيدا عن المدينة فيتمتعون بحرية كبيرة ، وهم ينقسمون إلى قبائل أو عشائر تعيش تحت الخيام وعند ما ينتقلون من مكان إلى آخر يحملون معهم كل ما يملكونه من أقوات ومتاع وحيوانات. وكل مجموعة من هذه القبائل المتنقلة تشكل دوارا يعود التصرف فيه إلى أحد الشيوخ الذي يلزم بدفع الضريبة عندما يأتي الجند أو المحلة لتحصيلها (٢) ، وقد اعتاد هؤلاء العرب الرحل الهروب إلى الصحراء عندما يقترب وقت تسديد
__________________
(١) معزول آغا وهو الضابط الذي انتهت صلاحياته وأصبح غير ملزم بمتطلبات الخدمة العسكرية ، ويصل جل الضباط من صنف الآغا إلى منزلة آغا الهلاليين إذ يمارسون سلطة شرفية لمدة شهرين يتقاعدون بعدها ليصبحوا ضمن صنف معزول آغا حيث يظلون يتسلمون رواتبهم الشهرية ويحضرون جلسات الديوان العام الذي يجتمع في المواسم الدينية والمناسبات العامة.
(٢) المحلة لفظ يطلق على الجند المتنقل في الأرياف مقابل النوبة التي تعني الجند المقيم بالأبراج أو الثكنات ، فقد جرت العادة على توجه فرق الجند في فصلي الربيع والخريف بقيادة آغا العرب بالنسبة لمدينة الجزائر ، وتحت إشراف البايات في مقاطعات قسنطينة ومعسكر والمدية ؛ وتتحدد مهمة المحلة في إقرار الأمن واستخلاص الضرائب ومراقبة القبائل الجبلية والعشائر البدوية ، وتساعد جند المحلة في مهامهم القبائل الجبلية المعروفة بفرسان المخزن ورجال القوم مقابل الامتيازات التي ينالونها والغنائم التي يتحصلون عليها أثناء غاراتهم على القبائل المعادية للبايليك أو التي تحاول التهرب من دفع ما يتوجب عليها من جباية ورسوم.