الجباية ، ولهذا كان داي الجزائر يرسل فرق الجند المعروفة بالمحلة إلى مواطنهم وقت الحصاد ليتمكن من استخلاصها. أما العرب الذين يقطنون نواحي الأطلس ، فهم لا يعتبرون من الرعايا الخاضعين ، إذ يتصدون لجند المحلة عندما يتوجه إليهم ، ولهذا السبب أصبح من غير الممكن السفر أو الانتقال داخل البلاد بدون حراسة قوية.
وبالإضافة إلى الحضر من سكان مدينة الجزائر الذين يخضعون بمحض إرادتهم لنير الحكم التركي ، فإن مدينة الجزائر مأهولة بعدد كبير من اليهود ، ويسدد كل واحد منهم ضريبة تقدر بريالين في الشهر (١) ، وهذا ما يدر على الخزينة مقدارا معتبرا من المال. وهناك أيضا بمدينة الجزائر عرب ينتمون إلى الأقاليم الداخلية (٢) ، فالبساكرة نسبة إلى بلدهم الأصلي بسكرة ، يعملون في
__________________
(١) يؤلف اليهود بمدينة الجزائر إحدى الطوائف المهمة لكثرتهم ولتحكمهم في النشاط التجاري ، فقد قدر عدد اليهود بها ما بين ٠٠٠. ٧ و ٠٠٠. ٨ نسمة ، وقد أوكلت العناية بشؤونهم إلى أحد أعيانهم المعروف بمقدم اليهود ، وهو بمثابة أمين لجماعة اليهود يتعامل باسمهم مع موظفي البايليك ، ويتوجب عليه دفع ضريبة شهرية في شكل رسم عن كل يهودي لخزينة البايليك تقدر بحوالي ألف ريال بوجو (الريال بوجو قيمته ١. ٨٦ فرنك فرنسي سنة ١٨٣٠). أنظر : ناصر الدين سعيدوني ، النظام المالي للجزائر أواخر العهد العثماني (١٧٩١ ـ ١٨٣٠) ، الجزائر ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، ١٩٨٥ ، ص. ١٠٥.
(٢) يعرفون بالبرانية لكونهم دخلاء على المدينة وينسبون إلى مواطنهم الأصلية ويكلفون ببعض الأعمال المتواضعة التي يأنف من تأديتها سكان المدينة من حضر وأندلسيين ، لكونها مهنا متواضعة وإن كانت توفر لأصحابها مدخولا ماليا محترما. ويقدر عدد البرانية بعشرة آلاف نسمة ، وأهم جماعاتهم : بنو ميزاب الذين كانوا يعملون في الحمامات ومطاحن الحبوب ، وجماعة قبائل جرجرة التي اشتغل أفرادها في مختلف المهن اليدوية والحراسة ، بالإضافة إلى البساكرة الذين كانوا يشتغلون في الحراسة الليلية وفي أعمال التنظيف ، والأغواطيون الذين كانوا يعملون في الكيل والوزن ونقل البضائع ، والجيجليون الذين كانوا يشتغلون في أفران الخبز والمطابخ ، والزنوج (الوصفان) المسخرين للعمل في المنازل. أنظر : ناصر الدين سعيدوني ، الجزائر في التاريخ (العهد العثماني) ، الجزائر ، ١٩٨٢ ، البنية الاجتماعية في المدن (ص ص. ٩٩ ـ ١٠٥).