شواش ينادون على المارة : أفسحوا المكان أفسحوا ... الآغا قادم! فهو الشخص الوحيد الذي يحظى بهذه المعاملة من دون بقية الضباط السامين (١) ، وهم الكاهية (٢) ومعزول آغا (٣) وسلك الضباط من رتبة بلوك باشي وأوده باشي والبيك باشي ، بالإضافة إلى باقي الضباط الآخرين الذين يتتابعون في ترتيبهم حسب رتبهم. أما رئيس الهيئة الدينية فهو المفتي الذي تبعث به إستانبول مثله مثل القاضي الذي أصبح الآن يثبت في وظيفته من طرف ديوان الجزائر الذي لم يعد يعترف بالسلطان العثماني إلا باعتباره الولي الشرعي للمسلمين.
أما المقاطعات (البايليكات) فتحكم من طرف البايات (٤) أو نواب الداي وتعطى لهم حرية التصرف حسب رغباتهم شريطة أن يدفعوا ما يتوجب عليهم من مداخيل مقاطعاتهم ، فيحملون هذه المداخيل بأنفسهم ويستقبلون في الجزائر بتشريفات تليق بمقامهم ، وهذه التشريفات التي تكلفهم في غالب الأحيان حياتهم ، لا يمكن لهم تجنبها بحيث لا يقبل منهم تحت أي عذر من
__________________
(١) يعرف هذا الضابط السامي بآغا الهلالين لكون سلطته الشرفية على الديوان وما يرتبط بها من امتيازات ومعاملات خاصة تحدد بفترة شهرين قمريين ، يلتحق بعدها بمجموعة الضباط المتقاعدين الذين يعرف كل واحد منهم بمعزول آغا ، والذين يشكلون مع غيرهم من الضباط والأعيان مجلس الديوان الذي يجتمع في المواسم والمناسبات الخاصة والتي توزع أثناءها الجرايات والرواتب على الجند.
(٢) الكاهية موظف سام بديوان الجزائر كان يعتبر بمثابة نائب الداي وتوكل له رئاسة الديوان ، وبعد أن أصبح معزول آغا يتولى رئاسة الديوان كل شهرين ، تحول الكاهية إلى مجرد موظف شرفي يمثل الداي في حضور الديوان أثناء المواسم والأعياد.
(٣) للتعرف على وضعية جماعة معزول آغا ، أنظر هامش رقم ٢٩.
(٤) بالإضافة إلى دار السلطان وهي المقاطعة المركزية التي يشرف عليها الداي مباشرة ويتصرف في شؤونها آغا العرب ، تتألف مملكة الجزائر كما تعرف آنذاك من ثلاث مقاطعات" بايليكات" يتولى حكمها البايات بأمر وتوجيه من الداي ومراقبة من آغا العرب ، وهذه المقاطعات هي : بايليك الشرق ومركزه قسنطينة ، بايليك الغرب ومقره معسكر آنذاك ، وبايليك التيطري وقاعدته المدية