القوارب قطعة خشب على شكل صليب في البحر بعد أن يشد إلى حبل ، ويثبت في الخشب جسم ثقيل ويزود بشباك مصنوع من خيوط القطن أو القنب ، وما أن تغوص هذه الأشياء داخل الماء وتلامس قاع البحر الذي يصل عمقه حسب المواقع من ثلاثين إلى أربعين براس (١) Brasses)) ، حتى يشد إلى الأعلى فتعلق بالشباك جذور وأغصان شجر المرجان وغيرها من التكوينات البحرية في حالة جيدة أو مهشمة ، وطريقة الصيد هذه يستبعد فيها في كل حال من الأحوال استعمال التكوينات البحرية غير المرجانية من قبيل عرق اللؤلؤة (Matrepores) والمرهم الشمعي (Ce؟ratophyle) والفطر المعروف بعش الغراب (Champignon) والمجوفات (Alcyonites) وغيرها من المنتجات البحرية. على أنه غالبا ما ترمى معها في البحر قطع ثمينة جدا من المرجان والتي اقتنيت مجموعة جميلة منها.
توجد على مسافة من القالة آثار تاغاست (٢) موطن القديس أغسطين ، حيث تشاهد بعض بقايا الأسوار بالقرب من بحيرة ذات مياه مالحة قد تكون بحيرة مادور (Madaure) التي ذكر القديس أغسطين بأنه درس بها (٣) ، والتي
__________________
(١) براس (Brasse) قياس بحري يستعمل في تحديد عمق المياه ، يقدر طوله بخمسة أقدام أي حوالي ٠٦. ١ متر ، بحيث تساوي ١٠ براس ثانية واحدة بالنسبة لقياس عمق البحر.
(٢) تاغاست (Thagaste) هي مدينة سوق أهراس الحالية ، تقع في منخفض جبل يعبره وادي مجردة (باغرادا) ، عرفت ازدهارا تحت حكم الرومان ، واشتهرت بكونها مسقط رأس القديس أغسطين (٣٥٤) ، ولم يغادرها إلا سنة ٣٦١ عندما ذهب للدراسة بمادور ، وعاد إليها بعد اعتناقه المسيحية بإيطاليا ليستقر بها قبل أن يصبح أسقفا لهيبون (عنابة) (٣٨٨ ـ ٣٩١).
(٣) مادور المعروفة اليوم بمداوروش والواقعة إلى الجنوب من سوق أهراس (ب ٤٦ كلم) ، تعد إحدى المدن الرومانية المهمة بمقاطعة نوميديا ، اشتهرت بكونها مركزا ثقافيا تخرج منه العديد من الأدباء اللاتين ودرس به كل من أبوليوس والقديس أغسطين. ومن الراجح أن هابنسترايت قد أخطأ في تحديد المكان ، فالبحيرة المالحة التي ذكرها هي بلا شك البحيرة الواقعة بالقرب من القالة ، وهذا ما يظهر لنا بأن هابنسترايت لم يصل في