إن رأيت أطال الله بقاءك أن تكتبي إلي بخبرك في خاصة نفسك ، وحال جزيل هذه المصيبة وسلوتك عنها ، فعلت ، فإني بذلك مهتمٌّ إلى ما جاءني من خبرك وحالك فيه متطلع ، أتم الله لك أفضل ما عودك من نعمه ، واصطنع عندك من كرامته ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . وكتب يوم الخميس لسبع ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة سبعين ومائة » .
أقول : مات موسى الهادي في نصف ربيع الأول ( الطبري : ٦ / ٤٢٨ ) فتكون رسالة الإمام عليهالسلام لخيزران بعد موته بثلاثة أسابيع . ومع أن الحميري رحمهالله تفرد بالرسالة وروايته مرسلة ، إلا أنها ممكنة الصحة ، فقد كانت الخيزران مركز القوة في الخلافة العباسية ، فخاطبها الإمام عليهالسلام بليونة كما يخاطب الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام جبابرة عصورهم !
ويبدو أن إنفاقها على قيِّم وخدام قبر الإمام الحسين عليهالسلام كان واحداً من سياستها الإيجابية مع الإمام عليهالسلام وشيعته ، وقد تكون لها إيجابيات أخرى ، وتكون أرسلت اليه مبعوثين ورسائل .
وقد علق المجلسي رحمهالله في البحار ( ٤٨ / ١٣٥ ) على هذه الرسالة بقوله : « أنظر إلى شدة التقية في زمانه عليهالسلام حتى أحوجته إلى أن يكتب مثل هذا الكتاب لموت كافر لا يؤمن بيوم الحساب ، فهذا يفتح لك من التقية كل باب » !