أتشهد فقيل لي : هذه السيدة يعنون الخيزران ، فخرجت فإذا بها واقفة على الباب ، فقالت : إن هذا الرجل قد خَفَتَ منذ الليلة وأحسبه قد قضى ، فتعال انظره ! فازداد جزعي وطامتي . وقالت : كما أقول ! فجئت فوجدته محول الوجه إلى الحائط ، وقد قضى ! فمضيت إلى هارون حتى أخرجته من الموضع الذي كان فيه محبوساً ، فأصبح القواد فبايعوا ، وأصبحت أدبِّر الملك » !
« وأمر الهادي ألا يُسَارَ قُدام الرشيد بحربة ، فاجتنبه الناس وتركوه ، فلم يكن أحد يجترئ أن يسلم عليه ولا يقربه ... واشتد غضبه منه وضيق عليه . قال يحيى لهارون : استأذنه في الخروج إلى الصيد فإذا خرجت فاستبعد ودافع الأيام فرفع هارون رقعة يستأذن فأذن له فمضى إلى قصر مقاتل فأقام به أربعين يوماً حتى أنكر الهادي أمره وغمه احتباسه ، وجعل يكتب إليه ويصرفه فتعلل عليه حتى تفاقم الأمر وأظهر شتمه وبسط مواليه وقواده ألسنتهم » . ( الطبري : ٦ / ٤٢٣ ، و٤٢٥ ) .
« سمعت خالصة تقول للعباس بن الفضل بن الربيع : بعث موسى إلى أمه الخيزران بأرزَّة وقال : استبطتها فأكلت منها ، فكلي منها ! قالت خالصة فقلت لها : أمسكي حتى تنظري ، فإني أخاف أن يكون فيها شئ تكرهينه ، فجاؤوا بكلب فأكل منها فتساقط لحمه ! فأرسل إليها بعد ذلك : كيف رأيت الأرزَّة ؟ فقالت : وجدتها طيبة ! فقال : لم تأكلي ، ولو أكلت لكنت قد استرحت منك » !
« قال وحدثني بعض الهاشميين : أن سبب
موت الهادي أنه لما جد في خلع هارون والبيعة لابنه جعفر ، وخافت الخيزران على هارون منه ، دسَّت إليه من جواريها لما مرض من قتله بالغم والجلوس على وجهه ، ووجهت إلى يحيى بن