ومصادرتهم الحرية المذهبية التي كانت زمن الدولة البويهية الشيعية ! فقال في النهاية : ١٢ / ٨٦ : « وفيها أُلْزِمَ الروافض بترك الأذان بحي على خير العمل ، وأمروا أن ينادي مؤذنهم في أذان الصبح بعد حي على الفلاح : الصلاة خير من النوم مرتين ، وأزيل ما كان على أبواب مساجدهم من كتابة : محمد وعلي خير البشر ، ودخل المنشدون من باب البصرة إلى باب الكرخ ينشدون بالقصائد التي فيها مدح الصحابة ! وذلك أن نَوْءَ الرافضة اضمحل لأن بني بُويَهْ كانوا حكاماً وكانوا يقوونهم وينصرونهم ، فزالوا وبادوا وذهبت دولتهم وجاء بعدهم قوم آخرون من الأتراك السلجوقية الذين يحبون أهل السنة ويوالونهم ويرفعون قدرهم ، والله المحمود أبداً على طول المدى . وأمر رئيس الرؤساء الوالي بقتل أبي عبد الله بن الجلاب شيخ الروافض ، لما كان يتظاهر به من الرفض والغلو فيه ، فقتل على باب دكانه ، وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره » ! انتهى .
وهكذا يحمدون الله على توفيقهم لظلم الناس ، وإكراههم على الأذان والعبادة على مذهبهم ، ويفتخرون بقتل أحد علماء الشيعة وصلبه على باب دكانه ، واضطرار مرجع الشيعة الى الهرب من بغداد الى النجف ! وقد تأسفوا لأنهم لم يستطيعوا قتله ، لكنهم نهبوا داره ومكتبته !
وفي مقابل هذا القمع الحنبلي لم يسجِّل الرواة أن الشيعة أجبروا أحداً على صلاتهم ومذهبهم ، أو قتلوا علماء السنة عندما كانت لهم كلمة ، كما في دولة البويهيين ، ودولة الخليفة الناصر العباسي الشيعي ، ودولة السلاطين المغول الشيعة ، بل احترموا علماء المذاهب وعامتهم ! وبهذا صح قول ابن الصيفي :
فحسبكمُ هذا التفاوتُ بيننا |
|
وكل إناءٍ بالذي فيه يَنْضَحُ . |