إحفظوا على أنفسكم ، ثم قال لآذنه : إئذن له ولا ينزل إلا على بساطي ! فإنا كذلك إذ دخل شيخ مسخد ( مصفر الوجه ) قد أنهكته العبادة ، كأنه شن بال ، قد كُلَمَ من السجود وجهه وأنفه ، فلما رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه فصاح الرشيد : لا والله إلا على بساطي ! فمنعه الحجاب من الترجل ، ونظرنا إليه بأجمعنا بالإجلال والإعظام ، فما زال يسير على حماره حتى صار إلى البساط والحجاب والقواد محدقون به ، فنزل فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط وقبل وجهه وعينيه وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس وأجلسه معه ، وجعل يحدثه ويقبل بوجهه عليه ويسأله عن أحواله ثم قال له : يا أبا الحسن ما عليك من العيال ؟ فقال : يزيدون على الخمس مأة . قال : أولاد كلهم ؟ قال : لا أكثرهم موالي وحشم . أما الولد فلي نيف وثلاثون والذكران منهم كذا والنسوان منهم كذا . قال : فلم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن ؟ قال : اليد تقصر عن ذلك . قال : فما حال الضيعة ؟ قال : تعطى في وقت وتمنع في آخر . قال : فهل عليك دين ؟ قال : نعم قال : كم ؟ قال : نحو عشره آلاف دينار .
فقال الرشيد : يا ابن عم أنا أعطيك من المال ما تزوج الذكران والنسوان وتقضي الدين وتعمر الضياع .
فقال له : وصلتك رحم يا ابن عم وشكر الله لك هذه النية الجميلة والرحم ماسة والقرابة واشجة والنسب واحد ، والعباس عم النبي صلىاللهعليهوآله وصنو أبيه ، وعم علي بن أبي طالب عليهالسلام وصنو أبيه ، وما أبعدك الله من أن تفعل ، وقد بسط يدك وأكرم عنصرك وأعلى محتدك !