إليه : إنك تقدم علينا محمد بن سليمان في إذنك وإكرامك وتخصه بالمسك وفينا من هو أسن منه ، وهو يدين بطاعة موسى بن جعفر المحبوس عندك !
قال أبي : فإني لقائل يوم قايظ إذ حُركت حلقه الباب عليَّ فقلت : ما هذا ؟ قال لي الغلام : قعنب بن يحيى على الباب يقول : لا بد من لقائك الساعة ! فقلت : ما جاء إلا لأمر إئذنوا له فدخل فخبرني عن الفيض بن أبي صالح بهذه القصة والرقعة ، قال : وقد كان قال لي الفيض بعد ما أخبرني : لا تخبر أبا عبد الله فتحزنه ، فإن الرافع عند الأمير لم يجد فيه مساغاً وقد قلت للأمير : أفي نفسك من هذا شئ حتى أخبر أبا عبد الله فيأتيك ويحلف على كذبه ؟ فقال : لا تخبره فتغمه فإن ابن عمه إنما حمله على هذا الحسد له ! فقلت له : يا أيها الأمير أنت تعلم أنك تخلو بأحد خلواتك به فهل حملك على أحد قط ؟ قال : معاذ الله ! قلت : فلو كان له مذهب يخالف فيه الناس لأحب أن يحملك عليه . قال : أجل ومعرفتي به أكثر .
قال أبي : فدعوت بدابتي وركبت إلى الفيض
ساعتي فصرت إليه ومعي قعنب في الظهيرة ، فاستأذنت فأرسل إليَّ وقال : جعلت فداك قد جلست مجلساً أرفع قدرك عنه ، وإذا هو جالس على شرابه فأرسلت إليه : والله لا بد من لقائك فخرج إليَّ في قميص رقيق وإزار مورَّد فأخبرته بما بلغني ، فقال لقعنب : لا جزيت خيراً ألم أتقدم إليك لا تخبر أبا عبد الله فتغمه ؟ ثم قال لي : لا بأس فليس في قلب
الأمير من ذلك شئ . قال : فما مضت ذلك إلا أيام يسيره حتى حمل موسى بن جعفر سراً إلى بغداد وحبس ثم أطلق ، ثم حبس ثم سلم إلى السندي بن شاهك فحبسه