قال : فأتيته بذلك ومضيت إلى منزل أبي إبراهيم موسى بن جعفر فأتيت إلى خربة فيها كوخ من جرايد النخل ، فإذا أنا بغلام أسود فقلت له : استأذن لي على مولاك يرحمك الله ، فقال لي : لُجْ فليس له حاجب ولا بواب ، فولجت إليه فإذا أنا بغلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه وعرنين أنفه من كثرة سجوده ! فقلت : له السلام عليك يا بن رسول الله ، أجب الرشيد !
فقال : ما للرشيد وما لي ، أما تشغله
نعمته عني ؟ ثم وثب مسرعاً وهو يقول : لولا أني سمعت في خبر عن جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله
أن طاعة السلطان للتقية واجبة إذاً ما جئت ! فقلت له : إستعد للعقوبة يا أبا إبراهيم رحمك الله ! فقال عليهالسلام : أليس معي من يملك الدنيا والآخرة ؟! ولن يقدر اليوم على سوء بي إن شاء الله تعالى ! قال فضل بن الربيع : فرأيته وقد أدار يده عليهالسلام
يلوح بها على رأسه ثلاث مرات ، فدخلت على الرشيد فإذا هو كأنه امرأة ثكلى قائم حيران ! فلما رآني قال لي : يا فضل ، فقلت : لبيك . فقال جئتني بابن عمي ؟ قلت : نعم . قال : لا تكون أزعجته . فقلت : لا ، قال : لا تكون أعلمته أني عليه غضبان فإني قد هيجت على نفسي ما لم أرده ! إئذن له بالدخول فأذنت له فلما رآه وثب إليه قائماً وعانقه وقال
له : مرحباً بابن عمي وأخي ووارث نعمتي ، ثم أجلسه على فخذيه فقال له : ما الذي قطعك عن زيارتنا ؟ فقال سعة مملكتك وحبك للدنيا فقال : إيتوني بحُقَّة الغالية ، فأتيَ بها ، فغلفه بيده ثم أمر أن يحمل بين يديه خلع وبدرتان دنانير ، فقال
موسى بن جعفر : والله لولا أني أرى من أزوجه بها من عزاب بني أبي طالب لئلا ينقطع نسله أبداً ما قبلتها . ثم تولى عليه وهو يقول : الحمد لله رب العالمين .
فقال