علي مسألة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك الوقت ، ولا أعددت لها جواباً ، فذكرت قول أبي عبد الله عليهالسلام وهو يقول لي : يا هشام لا تزال مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك ، فعلمت أني لا أخذل وعنَّ لي الجواب في الحال ، فقلت له : لم يكن من أحدهما خطأ وكانا جميعاً محقين ، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصة داود عليهالسلام حيث يقول الله جل اسمه : وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَرُوا الْمِحْرَابَ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ .. فأي الملكين كان مخطئاً وأيهما كان مصيباً ، أم تقول إنهما كانا مخطئين ، فجوابك في ذلك جوابي بعينه ! فقال يحيى : لست أقول إن الملكين أخطآ بل أقول إنهما أصابا وذلك أنهما لم يختصما في الحقيقة ولا اختلفا في الحكم ، وإنما أظهرا ذلك لينبها داود عليهالسلام على الخطيئة ويعرفاه الحكم ويوقفاه عليه ! قال فقلت له : كذلك علي والعباس لم يختلفا في الحكم ولا اختصما في الحقيقة ، وإنما أظهرا الإختلاف والخصومة لينبها أبا بكر على غلطه ويوقفاه على خطئه ويدلاه على ظلمه لهما في الميراث ، ولم يكونا في ريب من أمرهما وإنما كان ذلك منهما على حد ما كان من الملكين ! فلم يحر جواباً ، واستحسن ذلك الرشيد » .