أواخر أيام سجنه ، وهل يؤيد ذلك أن هارون تعمد إبقاء سبب نقمته عليهم سراً ، وما رواه الطوسي في الغيبة / ٢٥ : « وكان يحيى يتولاه ، وهارون لا يعلم ذلك » ؟
والجواب : أن هذا الإحتمال لا ينهض مقابل ما يعارضه ، فقد روت مصادرنا عمل يحيى بن خالد البرمكي لقتل الإمام الكاظم عليهالسلام وسعيه به الى هارون ، وتوظيفه بعض أقارب الإمام عليهالسلام واستقدامهم ليشهدوا عليه عند هارون !
ولا ينهض مقابل أن الإمام الرضا عليهالسلام كان يدعو عليهم في عرفات لأنهم سعوا في قتل أبيه ، قال عليهالسلام : «إني كنت أدعو الله تعالى على البرامكة بما فعلوا بأبي ، فاستجاب الله لي اليوم فيهم ! فلما انصرف لم يلبث إلا يسيراً حتى بُطش بجعفر ويحيى ، وتغيرت أحوالهم » ( عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ١ / ٢٤٥ ) .
فاليقين في أمرهم : إن الذي سعى بقتل الإمام الكاظم عليهالسلام هو يحيى كما نصت أحاديثنا ، ويشير الحديث إلى أن ابنه جعفر معه ، لكن ابنه الفضل رفض إطاعة أوامر هارون ، ومعناه أنه كان يميل الى الإمام ويعتقد بأنه ولي ، أو إمام !
كما يظهر أن جعفر البرمكي كان أحب الى هارون من أخيه الفضل ، لأنه أخذ الوزارة والخاتم من الفضل وأعطاه لجعفر ، وذكر في شرح النهج ( ١٨ / ١٠٥ ) أن هاروناً كان « يحلف بالله أن جعفراً أفصح من قس بن ساعدة ، وأشجع من عامر بن الطفيل ، وأكتب من عبد الحميد بن يحيى ، وأسوس من عمر بن الخطاب ، وأحسن من مصعب بن الزبير ، وأنصح له من الحجاج لعبد الملك ، وأسمح من عبد الله بن جعفر ، وأعف من يوسف بن يعقوب ... ولم يكن أحد يجسر أن يرد على جعفر قولا ولا رأياً »