كتاب جمعه القادر بالله ، فيه مواعظ وتفاصيل مذاهب أهل البصرة ، وفيه الرد على أهل البدع ، وتفسيق من قال بخلق القرآن ...
وفي يوم الإثنين غرة ذي القعدة جمعوا أيضاً كلهم ، وقرئ عليهم كتاب آخر طويل يتضمن بيان السنة والرد على أهل البدع ... وذكر فضائل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب ، ولم يفرغوا منه إلا بعد العتمة ، وأخذت خطوطهم بموافقة ما سمعوه . وعزل خطباء الشيعة وولى خطباء السنة ، ولله الحمد والمنة على ذلك وغيره . وجرت فتنة بمسجد براثا وضربوا الخطيب السني بالآجر ، حتى كسروا أنفه وخلعوا كتفه ، فانتصر لهم الخليفة وأهان الشيعة وأذلهم » !
وقال ابن خلدون ( ٤ / ٤٧٧ ) : «كانت مدينة بغداد قد احتفلت في كثرة العمران بما لم تنته إليه مدينة في العالم منذ مبدأ الخليقة فيما علمناه ... وربما حدثت الفتن من أهل المذاهب ومن أهل السنة والشيعة ، من الخلاف في الإمامة ومذاهبها ، وبين الحنابلة والشافعية وغيرهم ، من تصريح الحنابلة بالتشبيه في الذات والصفات ونسبتهم ذلك إلى الإمام أحمد وحاشاه منه ، فيقع الجدال والنكير ، ثم يفضي إلى الفتنة بين العوام ، وتكرر ذلك منذ حُجِر الخلفاء .
ولم يقدر بنو بُويَهْ ولا السلجوقية على حسم ذلك منها ، لسكنى أولئك ( البويهيين ) بفارس وهؤلاء ( السلاجقة ) بأصبهان ، وبعدهم عن بغداد ، وإنما تكون ببغداد شحنة ( حامية عسكرية ) تحسم ما خف من العلل ، ما لم ينته إلى عموم الفتنة » .